-A +A
جميل الذيابي
كشفت صفقة حزب الله و«داعش» أكثر من حقيقة ظن صانعها، وهو أمين الحزب العميل الإيراني حسن نصرالله، أنها لن تُعرف، لأنه أكثر ذكاء، والآخرون أغبياء!

فقد اتضح أن المسرحية هي في حقيقتها صفقة بين حزب الله وإيران ونوري المالكي ونظام بشار الأسد، من جهة، و«داعش» من الجهة الأخرى.


وكالعادة فإن غلطة «الشاطر» حسن بمليون غلطة، إذ لم يسأل نفسه أصلاً: إذا انتهت المعارك التي زُعم أن الجيش اللبناني خاضها ضد «داعش» في المناطق الجبلية التي يسيطر عليها التنظيم داخل لبنان، قرب الحدود مع سورية، بانتصار الجيش، وانكسار «داعش»، فلماذا يحصل المهزومون على امتياز التفاوض، والاتفاق معهم على إخلاء سبيلهم إلى محافظة دير الزور، بكامل عتادهم، وعائلاتهم؟

هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها بأن المهزوم هو الذي يكتب شروط هزيمته، وليس العكس!

«الأمعة» الإيرانية بشار الأسد سارع بدوره لتوفير الحافلات لنقل الدواعش معززين مكرمين بعائلاتهم من لبنان إلى دير الزور.

هل كان ذلك مصادفة؟ ليست هناك مصادفات في دفاتر الإيرانيين وأزلامهم بشار ونوري وحسن، كل شيء له ثمنه، ومقابله.

فبعدما تقدمت قافلة الدواعش متجهة لدير الزور، انتاب القلق قادة قوات التحالف الدولي لضرب «داعش» الذي تتزعمه الولايات المتحدة، واتخذوا قراراً بضرب القافلة قبل وصولها إلى هدفها، فهم يعرفون أنها تتجه لدير الزور ليتسنى لها التسلل إلى المحافظات السنية العراقية التي دفع أهلوها لتوِّهم دماءً غالية وزكية للتخلص من سرطان الدواعش، فيعودوا بذلك لذبح السنة، بدعم من العصابات الإرهابية الشيعية العراقيّة التي يديرها قاسم سليماني من وسط بغداد. وما إن توقفت غارات التحالف التي استهدفت القافلة، حتى سارع بشار الأسد ليعرض على نصر الله تغيير اتجاهها صوب منطقة السخنة، التي استعادتها قوات نظامه في المنطقة نفسها، ليعبروها آمنين إلى مناطق سيطرة «داعش».

وهي صفقة «جهنمية»، إلى درجة أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي استنكرها بعبارات قوية، في مؤتمر على رؤوس الأشهاد، وانضم إليه مستنكراً التيار الصدري، وزعيم البرلمان العراقي الذي يمثل سنة العراق. لكن الصورة باتت أشد جلاء حين خرج نوري المالكي من مزبلة النسيان ليثني على الصفقة، ويصف معارضيها بأنهم «جهلة». إذن فهي صفقة ليست بين نصرالله و«داعش» وحدهما، بل هي صفقة تضم إيران، وحزب الله، ونظام بشار، وشيعة العراق الموالين لإيران -من جهة- و«داعش». وتعني أن إيران تريد أن تقول للعبادي والتحالف الدولي ودول المنطقة المتنفذة إنها وحدها التي تنفرد بالنفوذ في العراق وسورية ولبنان، وأنها ماضية في خطتها الإجرامية لتصفية سنة العراق، مهما يكون شأن الإرادة الإقليمية والدولية. وهي صفقة تلغي كل نظريات المؤامرة السابقة بشأن أصل «داعش» والجهات التي يُزعم أنها تقف وراءه. فقد بات جلياً أن إيران هي صانعة «داعش»، وأن نصرالله ليس سوى إحدى أدواتها في المنطقة، وأن بشار الأسد يذبح الشعب السوري يداً بيدٍ مع انتحاريي «داعش»، وأن نوري المالكي لا يزال يقوم بدوره القذر في تنفيذ المخططات الإيرانية، تحت ستار منصب نائب الرئيس العراقي. وهي بالطبع نتائج لن ترضى بها دول المنطقة العربية، ولن يقبل بها التحالف الدولي الذي تشارك فيه بشكل فعال الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

الأكيد أن المنطقة مقبلة على مزيد من الاضطراب والزعزعة، وأن الحرب التالية لن تقتصر على أدوات ووكلاء الدول الراعية للإرهاب وحدها، بل سيصل حريقها إلى تلك القوى نفسها، لأن العالم لن يترك سورية ولبنان والعراق لقمة سائغة للعملاء والخونة والنظام الإيراني المهووس بأحلام استعادة حضارة سادت وبادت.