-A +A
خالد السليمان
في مدينة روما أصر الابن عبدالعزيز على شراء دمية ورقية تتراقص على أصوات الموسيقى من بائع على الرصيف، لكن في مقر السكن لم تتراقص الدمية عند تشغيل الموسيقى، وكان واضحا أن المسألة كانت عملية احتيال ونصب !

في اليوم التالي مررت بنفس الطريق ووجدت نفس البائع ذي ملامح جنوب آسيا، يبيع دماه على السياح، فاتجهت له مفسدا عليه صفقة كان على وشك إبرامها، وعاتبته على احتياله ثم سألته من أي البلاد أنت، فأجاب وقد تملكه الحرج من بنغلاديش، فقلت له أي أنك مسلم، فهل يجوز الاحتيال والنصب على الآخرين في الدين الإسلامي ناهيك عن عدم جوازه في أي عرف ديني وأخلاقي وقانوني ؟! كان جوابه وهو يحاول استعطافي: أنا فقير وهؤلاء الطليان والسياح أغنياء !


في الحقيقة كان لسان حاله: أنا فقير إذن يحق لي أن أسرق، هم أغنياء إذن يحق لي أن أسرقهم، وهذا منطق عجيب لتبرير مخالفة الفطرة الأخلاقية والتعاليم الدينية والمحظورات القانونية !

هو في الحقيقة لم يكتف بمخالفة تعاليم الدين وأنظمة القانون، والإساءة للمجتمع الذي فتح له أبوابه ليطلب فيه رزقه ويخون أنظمته وقوانينه، بل أيضا خادع نفسه بأن ما يقوم به من عمل مبرر لمجرد أنه إنسان فقير، لاحظوا فقير وليس جائعا حتى لا يحاول أحد التماس العذر له !

في بقية الأيام كان يقف في نفس المكان ويبيع نفس الدمى ويمارس نفس الاحتيال، فمن الواضح أنه لم يكن فقير مال بقدر ما كان فقير أخلاق ووعي بأن طاقته التي يهدرها في الكسب الحرام يستثمرها غيره في الكسب الحلال !