-A +A
طارق فدعق
بعضنا يرى الشجر وكأنه شبه جماد بالرغم أنه من الكائنات الحية التي تؤثر على حياتنا بطرق جذرية. وبعضها تلعب أغرب الأدوار في تاريخ أمم بأكملها. ومن غير مبالغة، نستطيع القول أن كل شجرة وراءها حكاية... وبعض من تلك الحكايات أغرب من الخيال، واخترت لكم التالي: من أغرب الحدود في العالم الحديث هي الخط المنزوع السلاح بين كوريا الجنوبية والشمالية. طول هذا الشريط حوالى 250 كيلومترا وعرضه حوالى كيلومترين وعمره حوالى ثلثي قرن. ونجد حوله أكبر حشد من الأسلحة في العالم. من الكوريتين الشمالية والجنوبية، ومن القوات الأمريكية أيضا. والأهم من ذلك ستجد كمية كره متبادل تفوق الوصف فكلا الطرفين يعتقد أن حكومته على حق، وأن الحل يكمن في تدمير الطرف الآخر. وهكذا بدأ الوضع منذ تقسيم كوريا إلى الشمال الشيوعي... الديمقراطي الشعبي... وهم جماعة الرؤوس النووية، والتهديدات بالحروب الكبرى، وشغل القبضايات. ومن الجانب الآخر نجد الجانب الجنوبي الوطني... وهم جماعة سامسونج، وهونداي، وإل جي، وكيا...وقصص الحدود بين الكوريتين كثيرة وغريبة، وأغربها على الإطلاق هي قضية الشجرة. في قرية «بيونج يونج» الحدودية تقع أهم نقطة لقاء بين الأطراف المتنازعة لدرجة أن الشتائم بين جنود الطرفين تصبح مسموعة. وفي عام 1976 كانت هناك شجرة كبيرة مزروعة في الشريط منزوع السلاح وكانت تحجب الرؤية أمام إحدى نقاط المراقبة الأمريكية. وبادر بعض الجنود والضباط الأمريكيين بقص بعضا من فروعها لتهذيبها بهدف السماح لمراقبة الجانب الكوري الشمالي. وفجأة حاصرتهم مجموعة من الجنود الكوريين الشماليين الذين اعترضوا بشدة على قص الشجرة بحجة أنها تعتبر شجرة «مباركة» لأنها من غرز الزعيم الكوري الشمالي «كيم صنغ» الذي كان يعتبر «الزعيم الأكبر» أو «البابا الكبير» آنذاك. الشاهد أن «الهياط» بدأ من المجموعة الكورية الشمالية فقتلوا ضابطين من القوات الأمريكية بالفؤوس والسواطير. وتسببت هذه الواقعة في مشكلة دولية فتدخل الرئيس الأمريكي «جيرالد فورد» شخصيا في الموضوع وأصر على رد الاعتبار الأمريكي من خلال التالي: أولا أن يتم إزالة الشجرة بالكامل من القوات الأمريكية تحت إشراف المراقبيين الدوليين من السويد وسويسرا، وثانيا أن يتم حشد القوات التالية لدعم عملية قص الشجرة كالتالي: عدد من قاذفات قنابل عملاقة من طراز بي 52 حاملة لذخيرة نووية، وحماية جوية من سربي طائرات فانتوم إف 4، وتغطية جوية من سرب طائرات إف 111 القاذفة، وتغطية جوية من درزن طائرة سي 130، وتحريك حاملة الطائرات «ميدواي» الأمريكية والأسطول التابعة لها إلى المياه الإقليمية الكورية، وحشد حوالى ثلاثة عشر ألف جندي أمريكي نحو الحدود الكورية، وضم فرق من القوات الخاصة الكورية الجنوبية إلى منطقة الحدود، وتحريك لواء مدفعية أمريكي نحو منطقة الحدود، والمزيد من الدعم ليكفي قيام حرب عالمية ثالثة. وتم قص الشجرة أمام جنود كوريا الشمالية ليبقى طرف صغير من جذعها. والغريب أن الرئيس الكوري الشمالي أصدر بيانا أعلن فيه عن حزنه الشديد على حادثة مقتل الضابطين الأمريكيين...«يعني... يعني» أن الموضوع يا جماعة كان مجرد سوء تفاهم...تعالوا نحضن ونقبل بعض وصافية لبن!

أمنيــــــة:


كما ذكرت أعلاه أن بعض قصص الشجر أغرب من الخيال. وكادت الأحداث المتعلقة بهذه الشجرة الكورية المذكورة قصتها أعلاه أن تجر العالم بأكمله إلى حرب كبرى. أتمنى أن نعطي الشجر حقه من الاحترام، فلا يعلم أسراره إلا الله عز وجل، وهو من وراء القصد.