-A +A
سعيد السريحي
لم أكن أتوقع أن يبلغ التنطع اللغوي بجماعة أو جهة أن تعترض على إطلاق مسمى مهرجان على الاحتفالات التي تصاحب سوقا من أسواقها الموسمية، بحجة أن أصل الكلمة فارسي، ولذلك فاجأني الجدل الذي دار حول تسمية «مهرجان العنب» المزمع إقامته في محافظة ميسان جنوب الطائف، وما صاحبه من مطالبة بتغيير تلك التسمية بحجة فارسية الكلمة، وما اضطرت محافظة المنطقة من الأخذ بقرار اعتمدت فيه التسمية لهذا العام وتغييرها العام القادم.

هذا الاحتجاج على التسمية لا يخلو من أحد أمرين، أولهما: هذه «الأصولية» التي لا تستنكف عن البحث في أصول الكلمات والتعرف على ما هو عربي أصيل منها فتتقبله وما كان معربا أو دخيلا فترفضه، وهي أصولية لا تجد لها مستندا في تراثنا العظيم الذي كان يعتبر كل كلمة تدخل العربية عربيةً بصرف النظر عن الأصل الذي جاءت منه، وقد تضمن القرآن الكريم كلمات من الآرامية والفارسية واليونانية والحبشية وغيرها من الكلمات التي تم تعريبها فأصبحت جزءا من العربية.


أما الأمر الآخر الذي قد يعود إليه الاحتجاج على هذه التسمية فيتصل بكون أصل الكلمة فارسيا، وهو أمر ناشئ عن العلاقات المتوترة بيننا وبين إيران، ولو كان ذلك كذلك فهذا يدل على خلط كبير بين الفارسية كحضارة رفدت العرب بكثير من جوانب الحضارة وظهر فيها الكثير من العلماء الذين تدين لهم الحضارة العربية والإسلامية بالفضل وحكومة ولاية الفقيه القائمة في إيران والتي لم تسئ للعرب فحسب وإنما أساءت لإيران نفسها وحضارتها الإسلامية بل وحضارتها قبل الإسلام كذلك.

تنطع لغوي وخلط سياسي يقف وراء رفض تسمية مهرجان العنب مهرجانا، وكلاهما لا يليق بمواسم الفرح ومهرجاناته.

Suraihi@gmail.com