-A +A
حمود أبو طالب
الاختلاط المباشر للشعوب ببعضها هو الاختبار الحقيقي لوعيها وثقافتها وأخلاقها واحترامها وتحضرها. الانطباع عن أي شعب، سلباً أو إيجاباً، قد تشكله صورة ذهنية وليدة قولبة إعلامية، لكن هذا الانطباع قابل للتغير في أي اتجاه، إما للأفضل أو للأسوأ، بحسب ما سيتركه التعامل المباشر من أثر. هذه حقيقة لا تغيرها الحملات الإعلامية لتحسين الصورة، ولا الدفاع النظري عن الذات مهما كان بليغاً وقوياً، وفي هذا الصدد يمكننا القول إن الشعب السعودي ربما يكون من أكثر الشعوب، إن لم يكن أكثرها فعلا، الذي تشكلت له أنماط من الصور الذهنية تصل حد التباين الصارخ والتضاد الحاد.

ومع ذلك فإن الشعب السعودي المختلف عليه لدى الكثير يملك فرصة لا تتوفر لأي شعب آخر من خلال وجود مقدسات المسلمين لديه التي يؤمها الناس في مواسم الحج والعمرة ويزورونها على مدار العام من كل دول العالم. هذه ليست مواسم كالتي تشهدها الدول الأخرى ويقتصر تعامل الزائر لها على شرائح محدودة من مواطنيها، وإنما مواسم تفرض التعامل مع كل شرائح المجتمع السعودي، من كبار المسؤولين إلى أبسطهم، ومن رجل الشارع البسيط إلى النماذج المهمة في تسيير هذه المواسم. وهي ليست مواسم مؤقتة وإنما مستمرة وغير خاضعة لتقلبات الظروف والمناخ وغيرها من عوامل التأثير، بمعنى أنها فرص مستدامة للشعب السعودي لتوليد صورة حقيقية عنه يستطيع أن يدحض بها بعض الشوائب التي لحقت بسمعته عن طريق التزوير أو المبالغة والتضخيم لأحداث بسيطة عابرة وهامشية.


الشعب السعودي من خلال موسم الحج بالذات يستطيع أن ينقل للعالم، وخصوصا في ظل اللغط السائد والتزوير والتحريف والاستهداف للمملكة، يستطيع الدفاع عن نفسه بشكل مباشر ومنقول على الهواء لكل العالم، إضافة لما سيعود به الحاج من انطباع عنه ينقله إلى الآخرين في بلده. لذلك كل مواطن هو مسؤول عن سمعة شعبه ووطنه أمام الملايين التي نستضيفها هذه الأيام، فلنكن خير مسؤولين عن خير وطن.