-A +A
صالح الفهيد
بقي 48 ساعة وتدخل الأزمة القطرية شهرها الرابع، ولا تلوح بالأفق أية بوادر للحل، أو حتى الاقتراب منه، بل العكس من هذا تماما، حيث أخذت التطورات في الأسبوعين الأخيرين منحى تصعيديا من الجانب القطري، بعد أن منعت السلطات القطرية حجاجها من أداء الفريضة، ثم أعقبت ذلك بخطوة تصعيدية أخرى تمثلت في إعادة السفير القطري إلى سفارتها في طهران في إشارة قوية إلى أنها ليست بوادر الإذعان لمطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب التي من بينها تخفيض مستوى العلاقات مع إيران.

عندما اندلعت الأزمة قبل نحو ثلاثة شهور كانت أغلب توقعات المراقبين والمحللين وحتى المواطنين الخليجيين تشير إلى أنها أزمة طارئة ولن تطول أكثر من أسبوع أو أسبوعين، مراهنين على أن الحل لن يتأخر كثيرا، لكن لو سألتهم اليوم لما وجدت أي أثر لتفاؤلهم السابق، بل على العكس من هذا، فالتشاؤم هو سيد الموقف، وغالبية المراقبين تتوقع عمرا مديدا للأزمة، ما لم تحدث تطورات «دراماتيكية» من خارج قواعد اللعبة السائدة الآن بين الطرفين، حيث يتمسك الجانب القطري بعناده وتحديه ومكابرته ورفضه لشروط الدول الأربع المقاطعة، فيما هذه الدول مصرة على تلبية مطالبها وهي لن تتراجع عن مواقفها المعلنة.


وإذا كان هناك من يرى أنه لا حاجة للدول الأربع لتزيد من عقوباتها على قطر لحملها على الإذعان لمطالبها الـ13، وأن العقوبات الحالية كافية لتعطي نتائج مؤثرة مع مرور الوقت، وأن الحكومة القطرية ستضطر مرغمة في نهاية المطاف على الاستسلام والموافقة على ما رفضته بتعنت في البداية، فإن فريقاً آخر يرى أن قطر باتت تتصرف بثقة أكبر وهي تتوهم الآن أنها تخطت المرحلة الصعبة والحرجة في بداية الأزمة، وبالتالي ليست مضطرة لتوافق في ظل هذه الظروف المريحة بالنسبة لها على ما رفضته في البداية تحت وقع الصدمة والخوف من المجهول، وهذا الفريق يرى ضرورة فرض جرعة جديدة من العقوبات على الدوحة، أقلها رداً على خطواتها التصعيدية الأخيرة في قضيتي الحج والعلاقة مع إيران.

ولا شك أن العناد القطري المستمر والمتصاعد قضى على فرص نجاح الوساطة الكويتية في حل الأزمة، وسيجد الشيخ صباح الأحمد أن مهمته باتت أكثر تعقيدا وصعوبة من قبل، وهو ما يتهدد هذه الوساطة بالفشل والنهاية. وقد يكون هذا ما تسعى وتخطط له الدوحة التي لم تكن مرتاحة للتوافق الإقليمي الدولي على إبقاء ملف الوساطة بيد الشيخ صباح الأحمد، وكان رهانها منذ البداية على القوى الكبرى لتخليصها من هذا المأزق الذي وجدت نفسها فيه بسبب سياساتها العدائية تجاه جيرانها، ومشاريعها الداعمة للإرهاب والتشدد، وإصرارها على التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وزعزعة استقرارها وإثارة القلاقل فيها.

والدوحة التي ترى في التصعيد مصلحة لها قد تقدم على خطوات أخرى من بينها الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي، وهذا يعني أن أطراف الأزمة قد دخلت طريق اللا عودة، وأن أي فرص للحل تلاشت تماما.

وفي المقابل قد تلجأ الدول المقاطعة لفرض عقوبات جديدة على قطر عقب نهاية موسم الحج، ريثما ينضج الحل «الدراماتيكي» الذي أشرت إليه سابقا.