-A +A
هدى بنت محمد السبيعي
كان لرحيل والدي محمد إبراهيم السبيعي، رحمه الله، الأسبوع الماضي أثره البالغ في نفسي ونفوس محبيه، الذين التقط البعض منهم أقلامهم، معبِّرين شعرا ونثرا عن مشاعرهم الصادقة تجاهه، مستعرضين شيئا من مواقفه الخيرة؛ وسيرته العطرة، وكفاحه الممتد لقرابة عشرة عقود من الزمن.

وكم كان لهذه المقالات والقصائد من أثر كبير في المجتمع، إذ سارت بها الركبان وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، وبسببها انهالت الدعوات بالمغفرة والرحمات على الفقيد الغالي، رحمه الله، فلأصحابها مني ومن إخواني خالص الشكر والتقدير.


وكان من أبرز هذه المقالات، وأكثرها انتشارا مقالة الكاتب الأستاذ أحمد العساف، المعنونة بــ«الشيخ السبيعي والرحيل الفخم»، والتي تناول فيها الكاتب مشكورا شيئا من مسيرة الوالد الحافلة بالعمل الخيري، كما أوضح فيها، جزاه الله خيرا، عاداته الاجتماعية، وعرض للقارئ تفاصيل يومياته، مبيِّنـا حُسن علاقته بأخيه وأقاربه وجيرانه والعاملين معه... إلى آخر ما تضمَّنته المقالة من دعوات صادقة لوالدي بالرحمة، ومن حث لرجال الأعمال واليسر على الاقتداء به.

غير أن الكاتب الذي كتب مقاله يوم الوفاة والدفن اختار لمقاله عنواناً غير ملائم للحدث - من وجهة نظري - وغير متسق، في الوقت نفسه، مع شخصية الفقيد، رحمه الله... التي كانت تتسم بالبساطة والتواضع في شأنه كله، وهو الذي كان يفخر دوما برواية بداياته البسيطة بشغف... إذ نظم عن نفسه يوما بيت شعر غدا ملخصاً لحياته كلها، إذ قال رحمه الله:

ما ورثت ولا درست ولست فني

بل بفضله وامتنانه هو هداني!

كما أن وصف الرحيل عن الدنيا واستقبال الآخرة بـ«الفخامة» هو وصف فيه شيء من التعالي والعُجب الذي لا يليق بوقار الموت، وحال المؤمن الخائف المُقبل على ربه، رغبةً في عفوه، ومتطلعا لرحماته؛ وخوفا من عذابه.

ولئن كان للعنوان وجه تأويل آخر؛ فربما يكون كاتبها قد قصد أن توديع محبيه له كان توديعا فخما من حيث كثافة المصلين وتعدد الشرائح الاجتماعية المشاركة، وتواجد جميع طبقات المجتمع، غير أني أتطلع من الكاتب إلى مراجعة العنوان وتغييره إلى عنوان أكثر ملاءمة لمضمون المقالة، الذي كان مضمونا، يستحق التداول الواسع في وسائل التواصل من باب القدوة.

ومن جهة أخرى، أطلقت الجمعيات والمؤسسات الخيرية في المملكة، العنان لتغريداتها وحساباتها على شبكات التواصل للحديث عن الجانب الخيري لحياة الوالد الراحل، ومن ضمنها (مؤسسة محمد وعبدالله إبراهيم السبيعي الخيرية)، واستخدمت في هذه التغريدات والمقالات والرسائل ألقابا لم يكن الفقيد يستسيغها، ولا يقبلها أبناؤه، فعمل الخير بصمت كان سمة من سماته الشخصية، وعتبنا عليهم أكبر لأنهم يعرفون هذه الخصلة فيه. آملين من الجميع الامتناع عن هذا الغلو، الذي قد يؤذي ممدوحه، ويذهب عنه الأجر المنشود، وآمل تعديل وإصلاح ما أمكن على هذه المواقع.

وختاما.. أكرر شكري باسمي وباسم إخواني وأخواتي لكل من كتب وعبَّر عن مشاعره تجاه الفقيد، وأدعو الجميع للاطلاع على كتابه (محمد إبراهيم السبيعي.. رحلة الفقر والغنى)، ليجدوا فيه معلومات موثقة عن الراحل، رحمه الله، وتتبعا تاريخيا دقيقا لنشأته ومسيرته الاجتماعية والعملية والاقتصادية.

رحم الله والدي محمد إبراهيم السبيعي، ورفع درجاته في عليين وجزاه عنَّا خير ما جزى والدا عن ولده وجزاه عن أحبابه ومحبيه خير الجزاء.