المشاركات خلال اطلاعهن على أحد الكتب
المشاركات خلال اطلاعهن على أحد الكتب
-A +A
"عكاظ" (الظهران)okaz_online@

تعود مسابقة "أقرأ" التي ينظمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) في نسختها السادسة بتطور ملحوظ على المستوى التنظيمي والثقافي، ويظهر ذلك جلياً في المرحلة الثالثة من المسابقة حيث يجتمع 40 مشارك ومشاركة في ملتقى إثرائي بعد أن تم قبولهم كمنافسين للقب قارئ العالم، وقد خرجت مسابقة أقرأ من نطاقها المحصور على المشاركين السعوديين والمقيمين العرب إلى نطاق أوسع وصل إلى كل من يحب القراءة من المقيمين غير العرب حيث شملت على مشاركات من باكستان ونيجيريا.

فكما ابتدأت المسابقة في نسختها الأولى بنطاق محدود على المنطقة الشرقية ولاقت نجاحاً ملفتاً، استمرت المسابقة بتطوير برامجها كل سنة وقد قدمت هذه السنة فقرة خاصة بالتواصل الاجتماعي في منافسة حملت مسمى (دقيقة قراءة) تتيح مجالا للمشاركة لمن لم يحالفهم الحظ للدخول كمتسابقين في المراحل النهائية.

بدأت فعاليات الملتقى الإثرائي بكلمة من إدارة الملتقى، إذ تم الترحيب بالمشاركين في المسابقة والرواد والطاقم الإداري، وعُرض فلمان قصيران أحدهما للتعريف بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي وأنشطته، والآخر لتلخيص مسيرة المشاركين في المسابقة من كل المراحل.

ثم ألقى المشرف الثقافي على مسابقة أقرأ طارق الخواجي كلمة افتتاحية للملتقى بعنوان "أقرأ ...العبور إلى الحياة". أكد فيها أهمية القراءة، وتحدث عن معانيها وتنوعاتها، موضحاً :"نجد أنفسنا محاصرين بالقراء، الذين لا تجدي أحكامنا قيمة حقيقية بشأنهم، هي قارئة وهو قارئ وهذا يبدو للبعض كافيا على الأقل في ميل أو ميلين من العمر، ثم تصبح هذه الممارسة الموغلة في الفردانية والجماعية على حد سواء، أسلوب حياة".

وأشار الخواجي :"الحياة تحدث خارج الكتب لا داخلها إلا أننا نقع في فخ الاعتقادات الخاطئة التي يتصورها القراء في مراحل مختلفة من حياتهم عن أن الحياة تدور في الأوراق ، والفهارس، وأغلفة الكتب، ليقرروا بحماسة شديدة أن الكثير محروم من نعيمهم". يختم الخواجي بقوله "يتسائل البعض عن أقرأ، ودائما أجد صوتاً في داخلي يجيب، كما في ألس في بلاد العجائب .. مغامرة!".

تنوعت المحاضرات والعروض الفنية في الملتقى حيث ألقى الدكتور عبدالله الخطيب محاضرة بعنوان "سؤال الحياة المشتركة" تحدث فيها عن التعددية الثقافية، والعيش المشترك، ونظريات المثاقفة، كما نحتاجها في عالمنا اليوم. وتم تقديم عرض مسرحي بعنوان "تشابك" من تأليف فهد رده الحارثي، وإخراج أحمد الأحمري، وتمثيل سامي الزهراني وعبدالرحمن المزيعل.

وتُبعت المسرحية بجلسة نقاشية قصيرة تحدث فيها مدير الإنتاج نايف البقمي والممثل سامي الزهراني عن العمل، وتلقوا أسئلة المشاركين في أقرأ وتعلقياتهم. وفي اليوم التالي ألقت ماريا محمود محاضرة عن "أدب الأخوين غريم" تطرقت إلى علاقة الأدب بالقصص الشعبية والأساطير، وتحول الحكايات الشعبية إلى قصص مناسبة للأطفال.

وقدم الدكتور سعيد السريحي محاضرة بعنوان "كلكم شعراء" ولكن قبل البدء بمحاضرته قال مخاطباً القراء: "عندما تمت دعوتي إلى الملتقى حرصت على المشاركة، لا لتصغوا إلي، وإنما لأصغي لكم، أنتم الجيل القادم من المستقبل، أنتم وعد الغد، شعباً ووطناً" وأضاف :"عندما نتحدث إليكم فإننا لا نفعل ذلك إلا لتبقى أصواتنا حية فيكم عندما نرحل...كأنكم أنتم أرواحنا الخالدة التي تبقى وتنتقل بين الأجيال".

وأشار: "يجب أن نراجع المسلمات في حياتنا العلمية. العظماء هم من هدموا مسلمات عصرهم وتوصلوا إلى نتائج هدمت المسلمات القديمة وبنوا مسلمات جديدة. هذه المسلمات ستبقى كذلك حتى يأتي علماء أخرون يهدمون المسلمات القديمة ويبنون مسلمات جديدة تذهب بالعلم خطوة أخرى إلى الأمام".

وبعد ذلك تم مناقشة السريحي في النقاط التي طرحها في محاضرته واختتم الجلسة بقوله: " "الشعر هو الممارسة اليومية الإنسانية التي نمارسها جميعاً دون أن نسميه شعراً، هي دندنة العامل أثناء عمله، وغناء النّهام وهو يمخر الموج، وتعبير أم مكلومة بابنها عن الوجع، ورقص الراقصين، نساء ورجالاً، في الأفراح".

كما تخللت الملتقى عروض سنيمائية لأفلام أنتجها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي ضمن مبادرة "أيام الفلم السعودي" وهي "لا أستطيع تقبيل وجهي" وهو مستوحى من نصوص الدكتور خالد اليحيا، وإخراج علي السميّن. أما الفيلم الثاني فهو "فضيلة أن تكون لا أحد" وهو كتابة وإخراج بدر الحمود.

ختاماً، هذه هي أجواء مسابقة "أقرأ"، تشعر في كل يوم أنك تبدأ من الجديد، وتصافح جميع المؤلفين وكأنهم أصدقاؤك، ويعبر عنها الدكتور عبدالله الخطيب بعد تجربته في إلقاء محاضرة ونقاش مع المشاركين بقوله:"اللقاء بالشباب والشابات كان باعثا كبيراً للأمل الذي تعتريه العتمة، أخلاقهم مدهشة، فضولهم المعرفي متفجر، والحوار معهم إثراء لا ينتهي، وأجمل مشهد لا يغادرني هو "تواطؤ الأضداد" بأجمل ما يتمنى أن يراه الانسان في وطنه، فهذه تحمل "مقبرة براغ"، والأخرى تعبر عن قلقها من أن تسلبها فكرة "القارىء الأخلاقي" حقها في تأويل النص كما تشاء؛ وهذا يناقش دقة الخطاب القرآني، وذاك يريد ألا تنحصر الإنسانية على الإنسان"