-A +A
عبدالله عمر خياط
.. في محكم التنزيل أقسم رب العزة والجلال بسورة الفجر بقوله جل وعلا: {والفجر وليالٍ عشر}.. وبعد هذا القسم قال تعالى: {هل في ذلك قسم لذي حجر} بمعنى أليس عنده عقل يمنعه من تضييع هذه الأيام.

وفيما صح عن الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما أنها قالت: كنا نعد اليوم الواحد فيها بألف عام.


وفيما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يسبح 12 ألف تسبيحة في كل يوم من الأيام العادية ! فكم يا ترى يسبح في مثل هذه العشر ؟

ويذكر أن السلف يوقظون بعضهم يقول لصاحبه: أنت من ساعة لم تذكر الله ! ومن السلف أيضاً أن البعض منهم كان يصلي 100 ركعة بين الصبح والظهر.

ومن أهم ما يجب فيها على الإنسان كف جوارحه عن معاصي الله وعما حرم الله، وإطلاقها لله في طاعته. رأس الجوارح اللسان «أمسك عليك لسانك»، من صمت نجا.

ولا بد أن تتمسك بالسكينة والخشوع في هذه العشر، ولا ينبغي أن تجعلها فرصة للسهرات والاستراحات، فإن هذه اﻷيام فرصة للمضاعفة ورفع الدرجات عند الله.

وعليك البحث عمن يعينك على طاعة الله، تفقد جليسك وصاحبك، ابحث عمن ترى فيه عينا دامعة وقدما منصوبة لله.

فإن لم تجد صاحبا «فاستوحد» انفرد، قلل من خلطة الناس. فلا تحقرن من المعروف شيئا في هذه العشر: صيام، ذكر، إطعام، سقيا، صدقة، تفريج كرب، قضاء حوائج.

وفيما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ. قَالُوا: ولا الْجِهَادُ، قَالَ: ولا الْجِهَادُ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. وفي رواية الترمذي وأبي داود: أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ". قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: وقال ابن حجر – رحمه الله – في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره. رواه الترمذي.

فإن الله يشكر عبده على العمل القليل ويثيب عليه الكثير.. وهناك فرق بين من يبادر ومن يتردد.. سيدنا إبراهيم - عليه السلام - أُمر بذبح ابنه فأطاع وبادر، وبنو إسرائيل أمروا بذبح بقرة فتلكؤوا وتباطؤوا فعوقبوا عقاباً شديداً.

واعلم أن هذه اﻷيام تريد عملاً، تعظيماً، بذلاً، مطايا للعمل الصالح.. وأنها ليست كبقية اﻷيام، ولا يصلح فيها المفاليس.

فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.. وبلغنا اللهم والمسلمين أجمعين العشر وارزقنا اغتنامها في ما يرضيك وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

السطر الأخير:

دقات قلب المرء قائلة له

إن الحياة دقائق وثواني.