-A +A
سعيد السريحي
لم أستغرب عند قراءة الخبر الذي تحدث عن تعرض أعمال فنية في متنزه السمراء بحائل للتخريب، فتلك ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على عمل فني سواء كان نصبا مجسما أو لوحة تشكيلية، ومن المؤكد أنها لن تكون الحادثة الأخيرة كذلك، وإذا كان من واجب الرئيس العام لجمعيات الثقافة والفنون أن يتقدم بشكوى إلى الجهات الأمنية حول ما حدث، ومن حقه أن يطالب بمعاقبة من فعل ذلك، فإن شكواه ومعاقبة المتسبب لن تقدم حلا شافيا ولن تحمي الأعمال الفنية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة.

العلاج الطبيعي الذي يمكن له أن يوقف العبث بالأعمال الفنية إنما يبدأ من المدارس، التي ينبغي لها أن تغرس في الطلاب والطالبات الذائقة التي تجعلهم يشعرون بالقيم العليا التي تتأسس عليها الفنون، والدور العظيم الذي تنهض به في إشاعة الإحساس بالجمال بالعالم من حولنا، وأن تغرس في أنفسهم كذلك المسؤولية بالمحافظة على كل عمل فني، لا يجمل مناطقهم فحسب بل يرفع من قيمتها باعتبارها حاضنة لأعمال تجعل منها مكانا جديرا بالانتماء إليه والعيش في رحابه.


وإذا كان تشويه الأعمال الفنية جرما ظاهرا فإن الأنفس التي لا ترعوي عن الإقدام على مثل هذا الجرم إنما هي نتاج لجرم مستتر طالما سعى إلى تشويه صورة الفن، وطالما نظر إلى الفنانين نظرة دونية كذلك، ولذلك لا غرابة أن تتعرض الأعمال الفنية للتخريب والتشويه، أو أن تبقى مجرد أشكال وألوان وأصباغ في الميادين وعلى جوانب الطرقات، لا يعرف العابرون بها لها قيمة ولا يقدرون لها دورا.