-A +A
عبدالرحمن اللاحم
الصديق جمال خاشقجي ليس مجرد صحفي تقليدي مارس أدواراً مزدوجة في فترات سياسيةٍ متنوعة، إنما هو (حالة) تستحق التشريح لأنه يمثل تياراً متنامياً ومتغلغلاً في بعض المؤسسات الإعلامية، ذلك التيار الذي يهدف إلى خلق توجه عام يدعم الحركات الإسلاموية في العالم العربي، ويجير السياسة السعودية الخارجية قصراً لخدمة تلك الجماعات من خلال التدليس الإعلامي وتحريف خطاب السياسة الخارجية السعودية، لهذا اضطرت الخارجية السعودية لأول مرة في تاريخها أن تتبرأ من تصريحات صديقنا العزيز أبي صلاح في بيانين منفصلين يتلوان إلى يوم القيامة، تتبرأ الخارجية من آراء الأستاذ جمال خاشقجي وأنه لا يمثل السياسة الخارجية السعودية وإنما يمثل نفسه، حاول أستاذنا الكريم أن يسوق نفسه في الدوائر الإعلامية والسياسية بأنه قريب من صانع القرار وأنه يتحدث باسمها، أراد أن يتدثر برداء محمد حسنين هيكل وأنه يمثل أو يتحدث باسم السياسة الخارجية السعودية، وأنه أحد صناع أدبياتها، لكن القرار جاء مرتين بأنه لا يمثل إلا نفسه، ومع ذلك لا زال أستاذنا الكريم يمارس الدور ذاته ويحاول أن يعسف ويدلس على الناس بأن هناك توجها سياسيا معيناً يخدم ويصب في صالح تلك الجماعات الإسلاموية، وآخرها موقفه المؤيد والمساند للنظام القطري الغاشم الذي يستهدف وطنه وأهله وعشيرته.

الأستاذ جمال صاحب أشهر مشروع إعلامي فاشل، وهي قناة العرب الذي لم يستطع أن يخرجها إلى العلن وهو يحدثنا الآن عن الحرية وعن كسر الأقلام، وهو ذاته الذي كسَّر أقلام كتاب وطنيين وقت أن كان رئيساً لتحرير جريدة الوطن، وهو ذاته الذي كان فارساً لا يشق له غبار في صراع الإخوان المسلمين مع الدولة المصرية، لم يكن يتحدث يومها عن العقل ولا عن الحكمة وإنما كان يتحدث عن البسالة في مواجهة أعداء الأمة الذين يعادون (جماعة المقطم)، ويصف كل المشاركين عن هذه الجماعة بأنهم مناضلون لكنه نوع فاخر من النضال، إنه النضال المقدس لأن الجماعة هي الإسلام، والدفاع عنها وعن قيادتها هو درب من دروب النظام المقدس هكذا كان أستاذنا جمال.


أستاذنا جمال خاشقجي نموذج للإعلامي الإسلاموي الذي أفاق على مرحلة لن يستطيع أن يتكيف معها، ولا مع أدبياتها، وأدرك أخيراً أنه وجماعته وعشيرته قد أصبحوا خارج اللعبة، فاختار أن يكون معارضاً في الوقت الضائع.