-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
بترحاب وتسهيلات قصوى وبدون تصريح إلكتروني، تستقبل المملكة أعدادا متزايدة من الحجاج القطريين عبر المنفذ البري الحدودي، ومن خلال رحلات (الخطوط السعودية) تنفيذا لأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واستضافتهم على نفقته الخاصة ــ حفظه الله ــ ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة، وهكذا قطعت المكرمة الملكية الطريق أمام محاولات سياسية فاشلة وافتراءات أبواق مأجورة إقحام حج الأشقاء القطريين في الأزمة.

المملكة على مدى تاريخها تدرك بمسؤولية كبيرة ودقيقة شرف رسالتها في خدمة ضيوف الرحمن، وتحرص كل الحرص على نقاء موسم الحج من كل شائبة سياسية أو دعوات مؤدلجة تعكر صفو وأمن الحجاج، رغم إدراك هؤلاء لحزم المملكة في تطبيق الأنظمة والضوابط ما يحفظ للحجاج هذا الصفاء وكافة سبل الراحة، وأن لا يشغلهم شاغل عن المناسك، حتى في المعيشة والمسكن والتنقل والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات.


والمملكة منذ بداية الأزمة مع قطر، استثنت معتمريها وحجاجها، وجنبتهم وزر السياسة الخطيرة لبلدهم المدانة بالأدلة القاطعة في دعم الإرهاب، وتماديها في منحنيات عدائية إقليمية تكشفت أبعادها للرأي العام، بما يؤكد صواب ما ذهبت إليه الدول العربية الأربع، وأن علاج الأزمة مرهون بإزالة أسبابها وضمانات عودة الدوحة إلى رشدها.

استثناء المملكة للأشقاء الحجاج والمعتمرين القطريين من المقاطعة، كان ولا يزال واضحا، فقد رحبت بهم منذ البداية، لكن من منعهم هو حكومتهم ليسهل عليها تسييس الحج، لكن الاستجابة لوساطة الشيخ عبدالله بن علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني وتقديرها بمكرمة خادم الحرمين الشريفين أغنى عن كل شرح أو تساؤلات حيث تتحدث مواقف المملكة عن نفسها بصدق ونصاعة.

هكذا هي دائما الأخلاق الإسلامية والمسؤولية الكبيرة للمملكة وقيادتها الحكيمة، تأبى إلا أن يكون القلب مفتوحا قبل الحدود لضيوف الرحمن، وهي في ذلك لا تسمح لنفسها أولا أن يتحمل حجاج أي دولة وزر سياسة وأزمات بلادهم طالما التزموا بأنظمة الحج وموجباته، وما أكثر ما بذلت من مواقف مشرّفة مع حجاج دولة عدائية تتأبط شرا ببلادنا خاصة ودول المنطقة عامة وهي إيران، وترحب المملكة بالمسلمين من كافة الدول الإسلامية وغيرها لأداء المناسك وتوفر كل سبل الراحة، وفق مسؤولياتها التي يقدرها لها العالم الإسلامي، وما تتخذه من ضوابط وإجراءات تنظيمية تحفظ للحجاج السكينة ولموسم الحج النجاح وللمملكة سلامتها وسيادتها.

ليس هناك أخطر على الأمة ودينها الحنيف من محاولات تسييس الحج واختطاف مقاصده بشعارات مسمومة، وسط ملايين المسلمين من ضيوف الرحمن في الرحاب الطاهرة بلباس واحد وعلى صعيد واحد وزمن معلوم، جاؤوا على تعدد ألوانهم وألسنتهم وأجناسهم يرجون رحمة من الله ومغفرة.

ما يدعو للأسف أن دعاة الشر والمكر يرخص عندهم كل شيء، ويتجرؤون حتى على استغلال موسم الحج، ولطالما صدرت دعاوى ماكرة حاقدة عبر التاريخ حتى القريب منه، ومن ذلك ما سبق وصدر من أراجيف القذافي ثم إيران، لكن ما يدعو للطمأنينة دائما، هو فضل الله على مملكة الخير قلب العالم الإسلامي، واعتزازها بمسؤولية هذا الشرف العظيم في خدمة المقدسات وضيوف الرحمن، وكل منصف وعاقل وإيجابي يثمن مكرمة خادم الحرمين الشريفين، وقد عبرت الأمة بل والمحللون في العالم، ومن قبلهم حجاج قطر عن التقدير الكبير من مملكة الخير والحكمة والمسؤولية والإنسانية وهي ترحب بهم وبأفضل رعاية.