-A +A
سعيد السريحي
تحكي القصة الشعبية التي توارثها البدو جيلا وراء جيل عن صديقين ترافقا في طريق، وكان أحدهما يضمر شرا للآخر، وبينما كانا يستريحان تحت ظل شجرة خلال سفرهما لمح أحدهما، وكان الذي يضمر شرا، غرابا على الشجرة ووجدها فرصة ملائمة كي يسفر عما يضمره فقال لرفيقه في الطريق، شوف غراب ياسر وأطلق عليه النار فإن لم تصبه قتلتك وإن أصبته قتلتك، وعندها هيأ ذلك الصديق بندقيته واضعا فيها رصاصتين، فاعترض الصديق الذي يضمر الشر، مذكرا إياه أنه لا يحتاج إلا لرصاصة واحدة سواء أصاب الغراب أو أخطأه، فرد عليه صديقه قائلا: هما رصاصتان؛ واحدة لغراب ياسر والثانية للرفيق المعاسر.

تذكرت الرفيق المعاسر وغراب ياسر، والبدو يلقبون كل غراب بغراب ياسر تشاؤما بتوجهه نحو اليسار، على عادة العرب القدماء في التشاؤم بالطير، تذكرت الغراب والرفيق المعاسر وأنا أتابع المحاولات البائسة اليائسة التي تقوم بها الحكومة القطرية من أجل إلصاق ما تشاء من التهم بالمملكة، فعندما أغلقت المملكة حدودها مع قطر وعلقت أي رحلات للخطوط القطرية إلى المملكة ادعت قطر أن المملكة منعت الحجاج القطريين من أداء فريضة الحج، متجاهلة أن بإمكانهم القدوم للحج عبر أي خطوط بديلة ومطارات وسيطة، ولم تكن قطر تدعي ما تدعيه إلا لكي تلصق بالمملكة تهمة تسييس الحج، وحين استجاب خادم الحرمين الشريفين لوساطة الشيخ القطري الجليل عبدالله بن علي آل ثاني ووجه بفتح معبر سلوى لاستقبال الحجاج القطريين دون حاجة لحصولهم على تصريح مسبق للحج الذي لا بد من حصول المواطنين السعوديين والخليجيين عليه، وزاد على ذلك اعتبارهم ضيوفا تتكفل المملكة بمصاريف انتقالهم وحجهم، لم تقدر الحكومة القطرية هذه الخطوة، وقد صدق العرب حين قالوا: لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، ولأن الذين يحكمون قطر الآن ويوجهون سياستها ليس لهم من الفضل شيء، فقد تشبثت قطر بما تتهم به السعودية واستمرت في ترديد ما تحاول إلصاقه بالمملكة، معتبرة أن فتح المعبر واستضافة الحجاج القطريين تسييس للحج كذلك.


كم هو قريب وجه الشبه بين ساسة قطر وذلك الرفيق المعاسر، حين قال لصاحبه: إن أصبت الغراب قتلتك وإن لم تصبه قتلتك، وكم نحن بحاجة إلى الرصاصتين التي أودعهما ذلك الصديق بندقيته واحدة لغراب ياسر وواحدة لمواجهة غدر الرفيق المعاسر.