-A +A
عبده خال
في رحلة مبكرة قمت بها لإحدى الدول، تولدت نكتة لا زلنا نسردها على بعضنا كرفقاء سفر في تلك الرحلة، ومن باب الممازحة قلت له: تلقيت المخالفة بسبب طولك ولو كنت قصيرا لما سجلت عليك أي مخالفة تذكر.

وقبل أن يبادر بالسؤال عن علاقة الطول والقصر بالمخالفة، قال أعذبنا: يا أخي غطيت ألوان إشارة المرور.


وبداية هذه القصة أننا كنا نسير سويا في وسط البلد -بتلك الدولة- من غير تنبه لأي قانون مروري يخص المشاة، فقد جئنا من بلد ليس بها قانون واحد يحترم المشاة مطلقا (حينها)، وأثناء تنقلاتنا كنا نتقافز في قطع الشوارع، وفي إحدى المرات وقفنا جميعا إلا صديقنا المطوال قرر قطع الشارع لشراء حاجة أعجبته رآها أثناء تسوقنا، وما إن مد بقدميه قاطعا الشارع حتى لحق به رجل المرور وجذبه إلى ناحيتنا وكتب له قسيمة مخالفة سير.

ومن يومها غدونا نطلق عليه لقب السيارة.

أقول هذه الحكاية بعد مضي 20 عاما أو أكثر تطورت فيها أنظمة المرور في كل شيء حتى أنها جلبت لنا (ساهر) الذي لا ينام، بينما تركت نفسها نائمة عن كثير من الأنظمة التي يستوجب مراعاتها، وكثير من التصرفات الرعناء تحدث في كل مكان وتستوجب يقظة رجل المرور إلا أن ذلك لا يحدث..

ولأننا نتحدث عن السير والمشاة ومخاطر عبور الشوارع فلم يمر بي نظام مروري ينظم حركة المشاة، فما باك بمن يتحرك في وسطها وربما يقف إلى أن ينام.. وهذا يجعلني أعرج إلى الشركة المعنية بتسيير عمال النظافة، فوالله كدت أحدث دهسا أكثر من مرة لهؤلاء العمال الذين يتم إخراجهم بعد منتصف الليل للتنظيف أو سقي الحدائق بملابس حائلة لا ترى، وإذا قيل إن لهم بزات أو سترات بها علامات تومض مع تسليط الضوء عليها، فهذا حق أريد به باطل، فتلك البزات لو سلطت عليها أنوار ملعب لما عكست ضوءا، فهي بزات مثل عدمها.. ومثل هذه الحالة نحمل مسؤوليتها من؟ المرور أو الأمانة أو الشركة المشغلة لهذه العمالة؟، وأقول من الآن تعدد المسؤولية يجعل التبرؤ منها سهلا، حيث ترمي كل جهة المسؤولية إلى الطرف المشارك لها، ولهذا أتمنى على إدارة المرور تطبيق قوانين للمشاة ومخاطبة الأمانة أو الجهة المشغلة لعمال النظافة باحترام الطريق وعدم ترك العمال نياما في الخطوط وخاصة المظلمة أو شبه المظلمة.