1*JxtrW9uMpV_XufW-UbH0IQ
1*JxtrW9uMpV_XufW-UbH0IQ
-A +A
علي الرباعي (جدة) Al_ARobai@
كانت الشعوب العربية إلى زمن قريب مؤمنة بالعبارات الرنانة، وتتعلق بالشعارات المعززة وحدتها، والتي أحسنت ظناً بها على أنها تصب في خانة تمتين لحمتها القومية، وبلغ الأمل بالشعوب أن تصل إلى تحقيق مطلب أن يكون المال العربي في خدمة القضايا الكبرى لخير أمة أخرجت للناس، إلا أن الأيام كشفت للعرب أن أموال بعضهم تحولت إلى خناجر مسمومة تطعنهم في الخاصرة، ولعل من أبرز الشواهد ما وقعت فيه حكومة قطر طيلة 20 عاماً من تعبئة وتهيئة لثورات بدّلت شبع الناس جوعاً وأحالت أمنهم إلى خوف، دون شعور بخجل مما وقع، ولا استشعار تأنيب ضمير.

واستغلت قطر فرصة تسنّمها الرئاسة الدورية للجامعة العربية في الفترة 2011-2012، فبدأت تستثير رياح التغيير السياسي في الدول التي لفح وجهها ما سمي بالربيع العربي، ما أشعر قطر أنها تجني ثمار عقد ونصف مما نثرته السياسة الخارجية القطرية من بذور الفتنة، ما راكم شهرتها المتنامية بوصفها وسيطا دائما، ما جعل بعض المسترزقين يوهمونها بصعودها كقوة إقليمية، وأنها أحد مراكز الشرق الأوسط الجديد.


ويشير تقرير صادر عن «مركز كارينغي» إلى أن حكومة قطر توجهت في الفترة التي سبقت ثورات الربيع العربي إلى تخصيص موارد مالية كبيرة للتأثير على محصّلات الوساطات، وسهّلت هيكلية دائرة صنع القرار الصغيرة والمركزية إلى حدّ كبير على المسؤولين القطريين.

ويؤكد التقرير أن قادة قطر رصدوا الملامح الناشئة للانتفاضات السياسية المتصاعدة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فعدّلوا السياسة العامة بشكل براغماتي، للاضطلاع بدور علني وتدخل بشكل استثنائي أثناء المراحل الأولى للاضطراب في المنطقة. فكان قرار المسؤولين القطريين بتبنّي توجّهات التغيير وفقاً لمصالحها في مختلف البلدان التي تشهد اضطرابات، فسَعَت إلى التدخّل بشكل مباشر وغير مباشر في ليبيا وسورية بذريعة البحث عن حلول عربية للمشاكل العربية، ووفّرت مساعدات اقتصادية في تونس ومصر، فيما اقتصرت على التنسيق الحذر مع خطوات مجلس التعاون الخليجي لإعادة إرساء النظام السياسي في البحرين واليمن، دون وعي بما تؤول إليه أحوال الشعوب والدول من انفلات أمني، ومحاذير لن تسلم منها هي ذاتها.