فيصل جميل غزاوي أثناء إلقاء خطبة الجمعة في المسجد الحرام أمس. (واس)
فيصل جميل غزاوي أثناء إلقاء خطبة الجمعة في المسجد الحرام أمس. (واس)
-A +A
«عكاظ» (مكة المكرمة) okaz_online@
أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور فيصل بن جميل غزاوي «أن الحج مؤتمر عظيم وجمع كبير يرفع فيه شعارُ التوحيد يغيظُ أعداءَ الدين، ويعدُّ عقبة كؤودا في سبيل تحقيق مآربهم ونشر باطلهم وترويج معتقداتهم الفاسدة، لقد شرِقت نفوسُهم وحَصِرت صُدورُهم وعلموا أنهم مهما بذلوا من جهود وأنفقوا من أموال ليصدوا عن سبيل الله ويُخرجوا الناس من دينهم لن يستطيعوا تحقيق بغيتهم».

وبين في مستهل خطبة الجمعة بالمسجد الحرام أمس أن الأمة تجتمع في الحج على توحيد الله تعالى، تجمعهم رابطة الدين والأخوة في الله، وتتجلى مظاهر الوحدة بكل أبعادها؛ فالحجاج والعمار على دين واحد ويعبدون إلهاً واحدا ووجهتُهم واحدة وقبلتُهم واحدة، وهم أيضاً في هيئة وحالة واحدة، ونداءٍ وهتافٍ واحد، ويقفون في صعيد واحد، ويقومون بأداءِ عملٍ واحد وهم آخر الأمر مطلبُهم ومَقْصِدُهم واحد.


وشدد على ساكني البلد الحرام والمقيمين فيه أن يستشعروا النعمةَ التي حباهم الله بها ويشكروه على منته وفضله وأن جعلهم من أهل الحرم وساكني البلد الحرام، موضحاً أن الحج عبادة عظيمة من أجل العبادات وقربة من أعظم القربات بل هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وأن على المسلم أن يبادر بأداء فريضة الإسلام ويحذر من التراخي والتأجيل والتسويف في أدائها.

وقال: «إن لله تعالى اختص الأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب بما لم يكن لغيرها، ونهى عن الظلم فيها وإن كان على كل حال عظيماً، وفي كل الشهور محرما؛ إلا أنه في الأشهر الحرم أعظمُ خطيئة ووزراً».

وأضاف: يكفي شهرَ ذي الحجة شرفا أن العشر الأول منه قد اختُصت بما ليس لغيرها من أيام السنة، وشرف المكان فهذه مكة البلدُ الحرام أقدس بقعة على وجه الأرض، وهي مَقْصِدُ كلِّ عابد وذاكر، فكفاها شرفاً ورفعة، مشيراً إلى أن الله تعالى أقسم بها في كتابه الكريم فقال (وهذا البلد الأمين) وجعلها حراما فقال (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها) حرمها الله على خلقه أن يسفكوا فيها دماً حراما أو يظلموا فيها أحداً أو يصيدوا صيدها أو يقطعوا شجرها.

وأوضح أن في هذه الأجواء العظيمة يأتي موسم حج بيت الله العتيق الذي جعل الله قلوب الناس تهوي إليه وترقُّ لذكره وتخشعُ عند رؤيته إجلالا لله وتعظيماً لشعائره، مضيفاً: هاهي قوافل الحجيج وطلائع وفود الرحمن تتقاطرُ على البيت العتيق من كل فج عميق، وتفد إليه من أصقاع الأرض البعيدة والقريبة، وهاهم حُجاج بيت الله وعمّارُه يتوافدون إلى البلد الحرام يحدوهم الشوق وتدفعهم الرغبة، منفقين في سبيل الله الأموال، تاركين الأهل وفلَذَاتِ الأكباد، غيرَ مبالين بما يلاقونه من المتاعب والمشاق في هذه الرحلة المباركة، مؤملين أن يحظوا بموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه).