-A +A
سعيد السريحي
أود أن أقف معكم على مسألة مهمة تتعلق بأسلوب التفكير ومستقبلكم العلمي، مسألة هي أهم من حديثي عن الشعر، مسألة احفظوها عني وتذكروها دائما، لا تقتنعوا بأي إجابة جاهزة عن أي سؤال، لا تقتنعوا بأي حل وحيد لأي قضية، واجهوا الإجابات الجاهزة بالأسئلة، والنتائج بمزيد من البحث والاستقصاء، الأسئلة وحدها تقود إلى إجابات متعددة، ليس بينها إجابة صحيحة صحة مطلقة، كل إجابة هي وجهة نظر، تصمد بقدر ما دعمها صاحبها بالأدلة والبراهين، وتتهافت بقدر ما نواجهها بالأسئلة والنقاش والفحص، كل إجابة هي وجهة نظر يجب علينا احترامها واحترام صاحبها، دون أن يعني ذلك أن نسلم بصحتها دون نقاش أو نعتمدها دون بحث واستقصاء.

تلك مسألة ينبغي أن نعتمدها في حياتنا العلمية أيا كان تخصصنا، علوما إنسانية أو علوما نظرية علمية بحتة، العلماء الكبار أصبحوا كبارا لأنهم واجهوا إجابات جاهزة، واجهوا مسلمات كان الذين قبلهم يعتقدون أنها حقائق مطلقة غير قابلة للنقاش، العلماء الذين تدين لهم البشرية بتطوير العلم من أمثال جاليليو وكوبرنكس وآينشتاين إنما تكمن عظمتهم في أنهم ناقشوا ما كان سائدا ومسلما به، ما كان يعتبر حقائق مطلقة، قوضوا كثيرا من تلك المسلمات وبنوا مسلمات جديدة بانتظار من يقوضها ويتقدم بالعام خطوات جديدة.


وأنا لا أشك أبدا أن بينكم جاليليو آخر وكوبرنكس آخر وآينشتاين آخر، بشرط واحد هو أن يحتفظ بعقله حرا لا يتوقف عن التفكير ويخضع كل مسلمة للسؤال، عقل حر يمتلك الأدوات العلمية التي تجعله قادرا على الرؤية من كافة الزوايا ومناقشة كافة الاحتمالات، العقل الحر الذي هو أثمن ما وهبكم الله فاحرصوا على ألا تسلموه لأحد.

* من محاضرة لي عن الشعر ألقيتها يوم أمس في إطار برنامج مسابقة اقرأ التي يعقدها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الدمام ويحضرها نخبة من طلاب وطالبات التعليم العالي والتعليم العام.