-A +A
حمود أبو طالب
كنت تمنيت في مقال الأمس «المكفراتية، حرّاس أبواب الرحمة» أن تتوفر لدينا إجراءات قانونية حازمة وصارمة لردع دعاة الكراهية والتطرف وبث الفرقة وإثارة الشحناء والبغضاء بين مكونات المجتمع، الذين استمرأوا خطابهم السام بقدر كبير من الصلف والتحدي لكل الاعتبارات الأخلاقية والتوجيهات الرسمية، وأشرت في المقال إلى أنه مع التقدير الكبير لوزارة الثقافة والإعلام من خلال لجنة مخالفات النشر التي استدعت المغرد المكفّراتي الذي تهجم على الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا (رحمه الله)، وحرّم الترحم عليه بأسلوب عدواني كريه، إلا أننا نحتاج بالضرورة إلى ما هو أكثر ردعاً من هذه اللجنة لخطورة مثل هذا الطرح في مرحلة شديدة الحساسية لا تحتمل مزيداً من الشروخ والاحتقانات الاجتماعية.

في نفس اليوم فاجأتنا - وهي مفاجأة سارة - النيابة العامة ببيان ذكرت فيه أنها «أصدرت أمراً باستدعاء مجموعة من المغردين ممن رُصدت عليهم اتهامات جنائية بالإساءة للنظام العام من خلال التأثير على سلامة واعتدال المنهج الفكري للمجتمع بمشاركات ضارة سلكت جادة التطرف المفضي إلى مشايعة حمَلَة الفكر الضال، وأن من تم استدعاؤهم هم قيد توصيف الاتهام الجنائي، وستطبق بحقهم الإجراءات الشرعية والنظامية للمتهمين».


هذا هو الدور الذي كنا ننتظره من النيابة العامة التي تمثل المجتمع وتتبنى قضاياه، وليس ثمة قضية في هذه الظروف أهم من محاولات ضرب وحدة المجتمع ووئامه خدمةً لأجندات تكشفت أهدافها وافتضحت أدوار مخططيها ومنفذيها من العملاء الذين يزحفون بين ثنايا المجتمع كالأفاعي الملساء التي تحمل السم الزعاف لتقويض الوطن على رؤوس أهله خدمةً للعدو القريب والبعيد. إننا نطالب نيابتنا الموقرة بوضع هذا الملف في مقدمة أولوياتها، ولو أردنا معالجته كما يجب لطالبناها بفتحه بأثر رجعي باستدعاء كل الذين أسسوا لخطاب التطرف والكراهية والتكفير المجاني الذي فعل بنا ما فعل.