-A +A
حمود أبو طالب
في كثير من الخدمات التي يدفع المواطن ثمنها ضاع دم جيبه بين الجهات المسؤولة عنها من مقدم للخدمة ومنظم لها ورقيب عليها وينتهي الحال إلى بقاء الوضع على ما هو عليه دون إنصاف أو ضبط للمخالفات الكبيرة العلنية في نوعية الخدمة، وليس لطالب الخدمة سوى الإذعان والامتثال صاغراً مغلوباً على أمره.

المثال الصارخ على ما سبق شركات الاتصالات التي أخبرتنا صحف الأمس أنه خلال 24 ساعة تم إغلاق ثلاثة من أكبر فروع الشركات الثلاث التي تستحوذ على السوق وتتحكم فيه كما تشاء، ويقال إن سبب الإغلاق هو عدم الشفافية والوضوح ومخالفة وثيقة حماية المستخدم، وقد قامت هيئة الاتصالات بالتنسيق مع وزارة التجارة بإغلاق الفروع. هنا نحن نتحدث عن الشركات الثلاث الوحيدة المسيطرة على السوق وكلها مخالفة للأنظمة، أي أنه لا توجد شركة منها تعمل بانضباط ومسؤولية وأمانة واحترام للأنظمة والعملاء الذين جعلوا هذه الشركات تحقق أرباحا مليارية بأسوأ الخدمات مقارنة بالدول المجاورة لنا والبعيدة عنا التي يتم تقديم الخدمة فيها بأقل الأسعار وأفضل جودة.


شركات الاتصالات لدينا هي الخصم والحكم والمشرّع والمنفذ والمتحكم والآمر الناهي، ويمكن الجزم بأنه لا يوجد شخص لدينا لم يتذمر أو يعان من سوء خدماتها وفداحة أسعارها. في المقابل كنا نسمع عن وزارة الاتصالات، ثم جاءت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات واستبشرنا خيراً بإنصافنا من سطوة شركات الاتصالات وتنظيم العلاقة المضطربة بينها وبين العميل، ورفع جودة الخدمة وضبط الأسعار، ولكن للأسف الشديد لم يحدث شيء يذكر وما زال كارتيل شركات الاتصالات يفعل ما يشاء ويفرض الأسعار التي يقررها وعلى المتضرر خبط رأسه في أقرب جدار.

فاتورة خدمات الاتصالات التي يدفعها المواطن ما زالت كبيرة في ظروف مختلفة، والشركات التي تقدم خدماتها بجودة متواضعة جداً ما زالت تمتص المواطن وتبتزه بحرية تامة وصلف كبير، والجهات المسؤولة عن إصلاح هذا الحال ما زالت دون مستوى المسؤولية الحقيقية التي يجب أن تتحملها.