-A +A
عبدالله صادق دحلان
للتوجه العام للرؤية الجديدة أهداف عديدة نتفق على مجملها ونختلف أحيانا على الأسلوب والطريقة للوصول إلى الأهداف، ومن أهم أهداف الرؤية المواطن السعودي من حيث تعليمه وتدريبه والعمل على خلق بيئة العمل المناسبة له، سواء كان موظفا في أحد مشاريع التنمية أو مستثمرا مشاركا في مشروع من أحد مشاريع التنمية الشاملة، والحقيقة أنه هدف سامٍ نسعى له جميعا، ولكن هذا لا ينفي الحاجة إلى الخبرات الدولية والعربية والإسلامية للمشاركة في خطط التنمية، وأكبر دليل على هذا الاستعانة بخبرات دولية في كتابة الرؤية الجديدة.

والجميع في هذا الوطن يعترف بدور الأوائل من الوزراء ونوابهم وكبار المسؤولين والعلماء والمثقفين والأدباء والكتاب والإعلاميين وأثرهم في التنمية العظيمة، التي حدثت في بلادنا في الخمسين سنة الماضية، وبصرف النظر عن أي سلبيات وأخطاء، إلا أن هناك إنجازا يصعب تجاهله وإخفاؤه، وإلا نعتبر ما حصل من تنمية شاملة هو تحصيل حاصل. والحقيقة هي أن سواعد الرجال بتوجيه القيادات ملوك وأمراء ساهمت في بناء هذا الوطن حتى يومنا هذا وشارك معنا في بناء التنمية الشاملة، رجال ونساء مخلصون من البلاد الإسلامية والعربية والعالمية من المتعاقدين أو المهاجرين لبلادنا، بعضهم عاد لأوطانهم وتقلدوا وظائف عالية وزراء ورؤساء وزارات والبعض الآخر عاد لوطنه وأصبح من رجال الأعمال صناع وتجار ومهنيين، والبعض الآخر هاجر إلى أمريكا وأوروبا بخبرة عمله في المملكة وأصبح له شأن في تخصصه، فخرج العديد من الأطباء الأجانب الأوائل إلى أمريكا وأوروبا ورفعوا رأس العرب والمسلمين في الخارج. إن بلادنا حفظها الله كانت مدرسة ومركز تدريب كبيرا لجميع أنواع العمالة المستقدمة، وكانت مركز استقطاب للخبرات الماهرة والمتخصصة من جميع أنحاء العالم لسد العجز الذي كنا نعاني منه في بلادنا.


أنا وغيري مدينون للعديد من الأطباء والأساتذة الذين عالجونا في القرن الماضي وعلمونا في المدارس والجامعات السعودية، وهي حقيقة أسجلها بكل فخر وشكر وتقدير للأوائل من المتعاقدين الذين عادوا إلى أوطانهم، وشكر خاص للمتعاقدين الذين انتهت فترة خدماتهم هذا العام عائدين لأوطانهم لتكملة مسيرتهم العملية، متمنيا أن لا تفهم سياسة الإحلال للمواطنين بأنها حرب على الأجانب أو كراهية فيهم وهذا ليس هو الهدف المعني إطلاقا، وإنما هي سياسات تلجأ لها الدول لخلق فرص عمل لعمالتها الوطنية صاحبة الأولوية بحكم الانتماء والقادرة على العمل بهذه الأعمال، ومن الأسباب معالجة البطالة المرتفعة وتخفيض نسب الفقر، ولا دخل لهذه السياسات بالعلاقات السياسية وعلى جميع المغادرين لوطننا، عمالة أو أسر العمالة أن يعلموا بأن لهم التقدير والشكر على دورهم في المشاركة في بناء التنمية، كلا من موقعه. و ليعلم الجميع أن المحبة والتقدير في قلوبنا تجاههم وأن علاقات الصداقة والأخوة بين المواطنين والمتعاقدين وأسرهم وأبنائهم قائمة مهما اختلفت مواقعهم وأوطانهم، ولقد ربطتني علاقات صداقة ومحبة كبيرة مع شريحة كبيرة من المتعاقدين الذين غادروا المملكة وظلت صداقتنا وأخوتنا إلى الآن منذ عشرات السنين، وباب التواصل قائم وهذه العلاقات الأخوية الصادقة التي تبنى بين أبنائنا وبناتنا وأبناء ضيوفنا من المتعاقدين ستظل دائما ولن تلغيها المواقع أو بعد المسافات وستظل المملكة دائما في حاجة إلى الخبرات الدولية والإقليمية والإسلامية التي تضيف لنا علما وخبرة وتسهم في تطوير كفاءاتنا الوطنية.

وقد يكون التوجه للاستقدام مستقبلا للكفاءات العالية والمتخصصة وقد تكون هذه السياسة في صالح الدول المرسلة للعمالة، لأن مردودها المالي أكبر لبلادهم إذا كانت العملة الصعبة هدفا أساسيا لإرسال العمالة خارج أوطانهم.

إن تبادل الخبرات الدولية والمحلية هي إحدى أدوات ووسائل أي رؤية مستقبلية لتطوير الدول، وإن حوافز استقطاب الخبرات المتخصصة المتميزة في أوروبا وأمريكا كبيرة جدا يأتي في مقدمتها منح الإقامة الدائمة ثم منح الجنسية، وأتمنى أن نطبق هذه السياسة في بلادنا للخبراء والعلماء والأطباء وأساتذة الجامعات المتميزين، ولقد تبنت القيادة السعودية هذا التوجه منذ بداية التأسيس وهناك من الجاليات العربية والإسلامية من حصلوا على الجنسية السعودية وأصبح لهم شأن كبير في مختلف المجالات.

آمل أن تتغير خارطة الاستقدام التخصصية من عمالة يمكن إحلالها إلى عمالة يصعب إحلالها في المدى القصير.

وشكرا لكل من عمل معنا وشارك في تنمية بلادنا خلال المرحلة الماضية وانتهت فترة عمله وعادوا إلى أوطانهم متمنيا لهم التوفيق والنجاح.

* كاتب اقتصادي سعودي