-A +A
أنمار مطاوع
على الرغم من الانفصال شبه الكامل، الذي عملت عليه كثير من ثقافات العالم، بين حياة المجتمع ودور العبادة؛ كالكنيسة والمعبد وما شابههما من أسماء لدور العبادة في الديانات العالمية، وعدم إقحامها في قضايا السياسة والمصلحة والمجتمع.. واقتصار دورها على نشر بعض عناصر الفضيلة على القدر الذي تجود به نفس رجل الدين، إلا أن الدور الذي يقوم به المسجد في المجتمع الإسلامي مازال قائما دون إغفال أو تهميش. فالمسجد متغلغل في وجدان المجتمع نتيجة قرون من القناعات واليقينيات والاعتقادات.

لكن هذا لا يمنع من القول أن ذلك التغلغل تحول إلى طقوس يومية أو أسبوعية بسبب التقليدية والالتصاق بالماضي ثقافيا واجتماعيا، فما يسمعه المسلم في معظم خطب الجمعة هو واحد من ثلاث قضايا: إما الحديث عن مجتمع الإسلام الأول –الذي لا يمكن العودة إليه في العصر الحديث-، أو التفاخر بالقصص القديمة –التي لن تحدث مرة أخرى-، أو الإنذارات السلبية المتعلقة بعذابات القبر والبرزخ والنار. والدور الاجتماعي المباشر للمسجد أصبح ضامرا.


ليس من الصعب إعادة الدور الاجتماعي للمسجد في مجتمعنا المحلي بآلية مبسطة. فالمسجد حسب الأنظمة والقوانين مسؤول عنه الإمام، وأي مخالفة لأنظمة الوزارة تصدر عن المسجد يكون الإمام هو المسؤول عنها أمام القانون. لهذا، ليس من الصعب أن يتم إلزام أئمة المساجد –وهم من خيرة الذين تقدموا لهذه الوظيفة الفاضلة- بتقديم جدول فعاليات اجتماعية خاصة بالمسجد لمدة عام. جدول الفعاليات هذا ليس مبتكرا أو روتينيا، ولكنه يقدم بناء على رغبات جيران المسجد ومجلس الحي.. بالإضافة لأي جهة أخرى تستطيع أن تقترح وتنفذ فعاليات. مثل: الندوات الاجتماعية والزيارات التثقيفية والرحلات.. وأي فعالية إنسانية يمكن القيام بها. وليس المقصود بـ(أي فعالية) هو احتمالية إقامة المسجد لحفلة غنائية أو موسيقية.. أو مسرحية.. فهذه المهمة تتولاها هيئة الترفيه. الفعاليات المقصودة هي فعاليات الخدمة المجتمعية بما يخدم سكان الحي وشبابه وأطفاله.

هذه الخطوة تحتاج لتوجيه من الوزارة لأئمة المساجد بوضع جدول أعمال للفعاليات المجتمعية التي يستطيع كل مسجد القيام بها خلال عام.. ويترك للإمام مسؤولية تنفيذها، بالتنسيق مع أهل الحي ومجلسه. علما أن أهل الخير لن يترددوا في دعم فعاليات تقدم خدمة اجتماعية يقوم بها المسجد للمجتمع.