-A +A
مها الشهري
يشهد الواقع الافتراضي حراكا ثقافيا لا يخلو من الاختلاف الذي تحركه نزعة الجهل والتحامل وغريزة الانتقام أحيانا، ومع إقرار الكثير من الأنظمة التي تحمي حقوق الفرد وخاصة نظام الجرائم المعلوماتية، رأينا من يهدد ويستقوي ويتوعد بمقاضاة الآخر، حينها ندرك كم أصبح اختلافنا اختلافا سلبيا، حتى أن العقوبات لا تحقق أهدافها في تحسين سلوك الفرد طالما أنها تستخدم للتخويف والقمع أكثر منها وسيلة لضبط السلوك.

تأخذ الإشكالية الاجتماعية وجهين في هذا الأمر، فمن جهة نجد صعوبة في تقبل الفرد الذي لم ينشأ على ثقافة الحقوق واحترام الآخر، ومن جهة أخرى فإن البعض من الناس لا يقر بالخطأ ولا يعتذر عنه، بل يتصلب في موقفه لشعوره بالانتقاص من قيمة ذاته إن فعل، وبالتالي يظن بأن من ادعى عليه.. اعتدى عليه في الوقت نفسه، وهو الموقف السلبي الذي يؤزم معالجة المشكلات ويعقد الطريقة إلى حلها، فيطغى الاعتداد بالنفس في ردة الفعل على إدراك الخطأ والاعتذار عنه.


إذا كنا نطلب التسامح من أحد الأطراف، فإن الاعتراف بالخطأ يعد مطلبا حضاريا من الطرف الآخر، وإذا كان أحدنا يضمن موقفه من كسب قضية ما فيجب أن يأتي ذلك على سبيل تصحيح الخطأ للآخر وتقويم سلوكه وليس على سبيل الانتقام منه، لأن ذلك يسهم في تقبل الآخر للعقوبة التي وقعت عليه وتعكس مدى استعداده لمعالجة أخطائه.

وضعت الأنظمة لتنظيم التعاملات ولتخلق ثقافة الوعي الحقوقي بين الناس التي تجعل الفرد يعرف حدوده في حق نفسه وفي حقوق الآخرين، فلا بد من أن نتعامل معها وبها بما يحقق تلك الأهداف لا التناقض معها، وسنضع في تصورنا أن من يتعامل بالنظام قد وصل إلى مرحلة جيدة من الوعي، لكن مسؤوليته تأتي في المساهمة بترسيخها كثقافة يصورها بتعامله أمام الآخرين.