-A +A
حمود أبو طالب
بعد وقت طويل تخللته كثير من المآسي، ومطالبات عديدة ذهبت أدراج الرياح، أفادتنا الصحف يوم قبل أمس أن الجهات التشريعية أقرت أخيراً المقترح الذي تقدمت به وزارة العدل لتحديد ضوابط وإجراءات زواج القاصرات ورفعها للجهات العليا للنظر في اعتمادها، ومنها تحديد سن القاصرات اللاتي يدخلن في مفهوم هذا الزواج، وهن بحسب الضوابط من في سن الـ ١٧ وما دون، ومما تضمنته الضوابط أن ينظر القاضي في طلب تزويجهن بعد سماع موافقة الفتاة، وسماع رأي والدتها، والتأكد من صلاحيتها الجسمانية والعقلية والنفسية وفق تقارير معتمدة من المختصين، وإخضاع الفتاة لبرنامج تأهيل الشباب والفتيات المقبلين على الزواج، مع التشديد على اتخاذ ما يلزم حيال أي مخالفات قد ترتكب وفق أحكام نظام حماية الطفل وأنظمة الحماية من الإيذاء والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل ومعاقبة أي مأذون يجري عقد نكاح لفتاة في هذا السن.

هذه خطوة جيدة في ملف الحقوق المليء بقضايا ما زالت تنتظر البت فيها رغم التحفظ على مجمل فكرة تزويج من هي في سن ١٧ لأنها ـــ بحسب تعريف المرجعيات العلمية المتخصصة ـــ ما زالت في مرحلة الطفولة، فكيف بمن هي أصغر، إذ يعتبر ذلك انتهاكا جسيما لطفولتها وإنسانيتها، وخرقا خطيرا لأنظمة حقوق وحماية الطفولة. وعلى أي حال فإن تنظيم الخطأ لتقليل آثاره السلبية أفضل من تركه على علاته. ونتمنى أن تعتمد الجهات العليا هذا التشريع، أو التنظيم، بشكل عاجل بسبب الحاجة الماسة لسرعة تطبيقه، وعدم السماح بتعطيله من قبل المصابين بحساسية شديدة من مصطلحات: تشريع، قانون، تنظيم، وما في حكمها، الذين عطلوا مشاريع لقوانين مهمة لأنهم يعتبرون آراءهم وقناعاتهم الذاتية هي التشريعات والقوانين التي يجب أن يطبقها المجتمع كيفما كانت.


كما نأمل ألّا يكون العقاب مقتصرا على المأذون المخالف بل على القاضي الذي يخالف الضوابط وإبطال أي زيجة لا تستوفيها، وسيكون مفيدا أيضا وجود عضو من حقوق الإنسان لمتابعة سلامة الإجراءات والتحقق من انتفاء الجبر أو الإكراه أو المجاملة والتغاضي عن أي من الضوابط.

ونحن بانتظار تسريع إصدار كثير من التشريعات والتنظيمات الغائبة أو المعطلة التي تسبب عدم وجودها في كثير من المشكلات الاجتماعية الخطيرة.