-A +A
سعيد السريحي
حين تخطط وزارة التعليم لمستقبل الطلبة والطالبات، تشير إلى ارتباط هذا التخطيط بسد الحاجة في سوق العمل تارة، ومتطلبات التنمية تارة أخرى، وعلى ما يبدو في ظاهر التعبيرين من الإحالة إلى معنى واحد، إلا أن بإمكاننا أن نستثمر الاختلاف في مستوى اللفظ كي نتوصل إلى ضربين من الرؤية أو التخطيط، يتعلق بهما مستقبل الطلبة والطالبات، يتمثل الأول في الاستجابة لمتطلبات سوق العمل، والآخر تحقيق تطلعات التنمية الشاملة على ما بين الأمرين من اتفاق في الهدف واختلاف في السبل المؤدية إليه.

وإذا كان بالإمكان حصر احتياجات سوق العمل في الوقت الراهن، وتقديرها في المستقبل القريب والبعيد، ومعرفة ما ينبغي توفيره لها من الخبراء والأيدي العاملة، فإن تحقيق تطلعات التنمية أكثر شمولا واتساعا من أن يقتصر على مفهوم سوق العمل، مهما توسعنا في هذا المفهوم، ومهما توسعنا كذلك في توقعاتنا لنموه ونمو احتياجاته مستقبلا.


التنمية التي نتوخاها تنمية شاملة ترتقي بالمجتمع من كافة جوانبه، تنمية لا يمكن تحقيقها إذا ما بقي التعليم مقيدا في استجاباته لمتطلبات سوق العمل التي توشك أن تنتهي بالتعليم أن يكون برامج تدريبية ملحقة بإدارات الموارد البشرية ومكاتب التوظيف في الشركات الكبرى.

التنمية التي نتوخاها تعني أن على التعليم أن يعود لوظيفته الأساسية التي تعنى بكافة العلوم الطبيعية والإنسانية الكفيلة بسد حاجة تنمية لا يمكن لأي خبير ومختص في أي جانب من جوانب المعرفة أن يبقى عاطلا باطلا فيها، تنمية لا يصنعها سوق العمل فقط وإنما تصنعها البرامج الكبرى التي تحتفي بالموسيقى احتفاءها بالهندسة، وتعنى بالفلسفة عنايتها بالطب وتنظر إلى المختصين في التاريخ بنفس النظرة التي تنظر بها إلى المختصين في الاقتصاد، التنمية التي لا تعتمد على مخرجات التعليم في كافة المجالات وإنما ترتقي بكافة مجالات التعليم كذلك.

التنمية شيء، وسوق العمل شيء آخر، وعلى تعليمنا أن يعي مسؤوليته تجاه التنمية التي نتطلع إليها كما يعي مسؤوليته تجاه سوق العمل الذي نعرف ضيق أفقه عن أن يتسع لآفاق التنمية الشاملة.

Suraihi@gmail.com