-A +A
محمد الساعد
قبل أيام نشرت مواقع قناة الجزيرة الذراع الإعلامية لنظام الدوحة ومنصاتها الإلكترونية، خرائط تقسيم لمصر، تضع سيناء بلون مختلف عن باقي أراضي القُطر المصري، الخريطة تقتطع ثلثي سيناء وتلحقها بقطاع غزة بالطبع ليست رسالة عابرة، قبلها بأسابيع دأبت الجزيرة على نشر خريطة للخليج العربي تحت مسمى «الخليج» فقط، حاذفة منه لقبه العربي، تمهيدا لإطلاق الخليج الفارسي عليه، نشر الخريطة تزامن مع نشر قوات من الحرس الثوري الإيراني وزعت على الأماكن الحساسة والقصور الأميرية في الدوحة.

ليست المرة الأولى التي تتلاعب قطر بالخرائط، فهي إحدى وسائلها الدعائية النازية التي يتم بثها عبر القنوات والحسابات، وتمريرها داخل الوعي العربي دون أن يشعر، فقطر انخرطت في مؤامرات تقسيم المنطقة منذ الانقلاب الذي قاده حمد على والده المرحوم الشيخ خليفة بن حمد العام 1995.


استخدمت قطر أسلوب ترسيخ فكرة «التقسيم الناعم» عبر نشر خرائط مرفقة بالأخبار دون الإشارة لما تحويه تحديدا، حتى لا تواجه بمعارضة أو رفض، بالطبع هذه الصور يتلقاها عشرات الملايين من المتابعين والمشاهدين، وتطبع في الوجدان والعقل الباطن، وتتعود عليها العين، وبمرور الزمن لا تصبح مستغربة، ويتراجع الرفض وإذا حصل فسيكون في حدوده الدنيا ويمكن التحكم به، انتظارا لحدوث صدام أو سيولة سياسية تؤدي إلى اتفاق على تقسيم جديد، وحينها من المؤكد أنها لن تجد سوى التأييد والصمت المصنوع.

عودا على خرائط سيناء، هل تتذكر عزيزي القارئ خبرا عابرا مر خلال حكم الإخوان لمصر العام 2012، يقول الخبر: إن مرسي وافق مع الإسرائيليين والقطريين والأمريكان وحماس على اقتطاع جزء من سيناء وإلحاقه بغزة ليكون وطنا ودولة فلسطينية بديلة.

على أن يتم الانتهاء تماما من فكرة تحرير الأراضي بالقوة، ويتم التطبيع بين حماس وإسرائيل، ولعلنا لا ننسى أن بيان حماس الصادر قبل أشهر من قطر، أسقط بشكل صريح فكرة الكفاح المسلح لاسترداد الأراضي المحتلة، وهو ما يفسر تماما مشروع تقسيم سيناء الذي تم إحياؤه من جديد.

الاتفاق الذي رعته حكومة أوباما وقطر، سعى إلى توطين الإرهاب أولا في سيناء ليهدد وجود الدولة المصرية فيها، ويدمر سمعتها من خلال ضرب الجيش المصري بشكل متواصل وإحداث خسائر فادحة به، والقضاء على أفراده في عمليات بشعة.

لم يكن مشروع التقسيم يقف عند ثلثي سيناء، بل سيتمدد لفصل شرق مصر وإلحاقها بالدولة المتكونة في شرق ليبيا، وكذلك النوبة وحلايب، وانتهاء بإنشاء دولة مسيحية فرعونية للأقباط، فهذا الشرق الذي عاش طوال تاريخه عربيا خالصا بمسلميه ومسيحييه، سيتشظى إلى عرب وأقباط وأمازيغ وفينيقيين، لتتمكن إسرائيل من العيش بجانب دويلات لا تربطها هوية واحدة.

المشروع القطري، يبدو أنه يحاول التقاط أنفاسه بعد خروج الإخوان من حكم مصر، وها هي الدوحة ترد على موقف دول الحلف الرباعي المناهض للإرهاب، بالعودة لنفس خريطة مشروع التقسيم.

النظام القطري سبق أن قام برشوة مركز راند الأمريكي بعشرات الملايين من الدولارات منذ العام 2001، المركز انخرط في تنفيذ التوجهات والإملاءات القطرية، فتبنى أبحاثا معززة بخرائط لتقسيم المملكة، تم نشرها بشكل مكثف في وسائل الإعلام على مستوى العالم، كما تم الدفع بها لأعضاء في الكونغرس الأمريكي لمناقشتها.

أهداف قطر المعلنة وغير المعلنة، تصب في التالي، أولا.. دعم مشاريع التقسيم في المنطقة والترويج لها من خلال مشروع إعلامي انحاز تماما لهذا المخطط، وتعزيزها من خلال مؤسسات ومنظمات تتلقى الهبات وتبرعات أموال الغاز القطري.

ثانيا.. تبني الجماعات الإرهابية لتكون الذراع التنفيذية للمشروع، فهي التي تقوم بنشر الطائفية والقتل على الهوية وهدم الدولة الوطنية المركزية، لتأتي بعد ذلك المفاوضات والمشاورات التي تفرض التقسيم والترحيل القسري للسكان، كما يحدث اليوم في سورية.

ليبيا اليوم مثال حقيقي للمخطط الفاشل الذي استهدف السعودية وشعبها ومستقبلها، لكنه سقط أمام دهاة الرجال في المصمك، على الرغم من أن المشروع «القطري الإخواني» نشر الخرائط، ودفع بالأموال لجماعات «المؤلفة جيوبهم»، وهم الذين عززوا الأفكار العنصرية والطائفية في الشارع السعودي، وحاولوا الدفع بالمواطنين للاحتجاج والاحتراب، للزج بهم في أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر يتحكم فيها الموت والجوع والفقد.

m.assaaed@gmail.com