-A +A
سعيد السريحي
عجيبٌ أمر هيئة المهندسين، يسارع أحد كبار المسؤولين فيها إلى نفي خبر سقوط سقف قاعة الاجتماعات، مؤكدا أن الصورة المتداولة على مواقع التواصل مع ذلك الخبر ليست سوى صورة لأعمال صيانة المبنى، ثم يتكشف الأمر بعد ذلك عن غير ذلك كما أوضح التقرير الذي نشرته «عكاظ» أمس عن تلك الحادثة، والذي كشفت فيه عن خطاب للأمين العام لهيئة المهندسين موجه للشركة المنفذة لمشروع المبنى يحملها فيه مسؤولية سقوط سقف قاعة الاجتماعات ويطالبها بإصلاحه وفحص بقية الأسقف كما يحملها مسؤولية ما قد يصيب العاملين في المبنى والمراجعين له لو تعرض سقف آخر للسقوط الذي تعرض له سقف قاعة الاجتماعات.

غريب أن يلجأ ذلك المسؤول إلى نفي واقعة تحدثت عنها الأنباء ووثقتها الصور وكأنما الهيئة التي يعمل فيها هي التي نفذت المبنى، أو كأنما هو يتستر على أن الهيئة قد استلمت المبنى وصادقت على سلامته دون أن تتبين ما فيه من خلل، وهو أمر إن حدث، فمن شأنه أن يبلغ حد الفضيحة حين لا تتبين هيئة مهندسين خللا في مبناها ويفاجئها سقوط سقفه كما يفاجئ أي مواطن يوقعه جهله بالهندسة في براثن مقاولين لا يتورعون عن التلاعب فيما ينفذونه من منشآت.


وبصرف النظر عن الدافع الذي حمل ذلك المسؤول على نفي واقعة قامت عليها الشواهد فهو دون شك ينتمي لحقبة كان النفي هو الأسلوب المتبع لدى كثير من المسؤولين الذين كانت تحدوهم رغبة أن لا يظهر أي خلل في الأجهزة التي يديرونها يمكن له أن يعرضهم للمسؤولية، وليس ببعيد عن الذاكرة أن أمين لجدة صرح ذات مطر غرقت فيه أحياء بأكملها مؤكدا في تصريحه أن «كل شيء تمام» لكي يتبين بعد ذلك أن الخلل في كثير من مشاريع الأمانة آنذاك يقف وراء الآثار المدمرة التي تركتها الأمطار والسيول.

أسلوب النفي الذي تجاوزه كثير من المسؤولين في عهد أصبحت المكاشفة فيه حقا من حقوق المواطنين وأصبحت مهمة «تغطية الشمس بغربال» مهمة مستحيلة في عصر مواقع التواصل، هذا الأسلوب لا يتوخى من يتبعه حجب الحقيقة فحسب وإنما حجب ما وراءها كذلك.