-A +A
عبدالرحمن اللاحم
لم تستطع وزارة العدل أن تقدم نجاحا يتواكب مع الحراك الإصلاحي في السعودية إلا على مستوى عروض الجرافيكس الذي أبدعت فيه بشكل منقطع النظير، ونجحت في عرضه وتسويقه عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي لإنجازات وهمية لا وجود لها على الأرض أو إعادة تغليف إنجازات سابقة بقوالب جرافيكس تسر الناظرين والمتابعين، فوزارة العدل قد تكون من أكثر المؤسسات الحكومية استخداما لعروض الجرافيكس دون أن يكون لها محتوى حقيقي على الأرض، وخير شاهد على ذلك ما أعلنته قبل عدة أشهر عن المشروع الطموح وغير المسبوق وهو الربط الإلكتروني ما بين محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف، بحيث تنتقل المعاملة بمجرد نقرة زر، وأعلنوا يومها عن نجاح التجربة، وأنه تم التناقل ما بين المحكمتين في يوم واحد، وكتبت عنه منتقدا لذلك المشروع الوهمي في هذه الزاوية المباركة.

واليوم يثبت أن كل ما قيل حول مشروع النقرة الإلكترونية لم يكن سوى سراب وهروب إلى الأمام، فما زالت أكوام الملفات مكومة على أرفف المكاتب في المحاكم، ومازال الروتين القاتل الممل مسيطرا على أداء المؤسسات العدلية، على الرغم من تبشير معالي الوزير بمشروع (محكمة بلا ورق)، وهي من الشعارات الرنانة التي يجيد معاليه استخدامها في كل موضع، فكيف يتم الحديث عن محكمة بلا ورق أو ربط إلكتروني ما بين المحاكم، ومازالت بعض الأحكام تظل حبيسة الأدراج لثلاثة أشهر أو أكثر دون رفعها إلى الاستئناف؟ وكيف يليق التحدث عن تلك المشاريع الكبيرة ومواعيد الجلسات تصل إلى ستة أشهر في انحدار خطير لأداء المؤسسات القضائية التي هي جزء من رؤية المملكة المستقبلية وحجر الأساس فيها.


إن كانت قيادات وزارة العدل تريد إنجازا حقيقيا وترغب في التناغم مع وتيرة حركة الحكومة الطموحة للتجديد، فليس أمامها إلا التخلي عن إنجازات الجرافيكس والنزول للواقع ومواجهة المشكلات الحقيقية والتصدي لها بحلول عملية، وإلا ستظل حبيسة لمواقع التواصل الاجتماعي عاجزة عن التغيير.