-A +A
علي مكي
كنتُ سابقاً، أي قبل سنوات عديدة، في كل مرة أذهب فيها إلى المطار وأصادف تأخيراً للرحلة، أو بقاءنا في الطائرة وقتاً طويلاً بسبب عدم وصول الباص، أو أشاهد طائرات جازان الصغيرة جداً التي لم تتغير منذ عقود، وغير ذلك من الأخطاء التي تحفل بها بعض مطاراتنا، كنت أصب كل الانتقادات تجاه الخطوط السعودية فهي المسؤولة عن كل هذا، بل إنني ياما كتبت ومددت لساني حاراً تجاههم بكل أنواع الاعتراضات.

المهم أن الخطوط الجوية العربية السعودية من يشاهدها ويتعامل معها قبل عشر سنوات مثلاً ثم يشاهدها ويتعامل معها في المرحلة الحالية سوف يدرك أنها تغيرت كثيراً، وصنعت تحولات إيجابية في مسيرتها، على الرغم من كل التحديات والعوائق التي واجهتها ولا تزال تقف في وجهها وتحاول أن تبطئ من خطواتها، لذا كان إعلان شركة سكاي تراكس المتخصصة في تقييم أداء وتصنيف خدمات شركات الطيران فوز الخطوط السعودية بجائزة «شركة الطيران الأكثر تحسناً في العالم لعام 2017م» شيئاً مهماً ولافتاً، لأنه يعني اعترافاً و«تقديراً لما حققته «الخطوط السعودية» من تطويرٍ جوهري لمنتجاتها وتحسن ملموس لمستوى الخدمات، إلى جانب التطور السريع لأسطول «السعودية» بانضمام أحدث طائرات البوينج 777، و787 دريملاينر، والإيرباص 330 A بأنواعها المختلفة».


هذا يعني أن «السعودية» خلال عامين فقط حدثت أسطولها بـ60 طائرة، 28 طائرة منها في 2016، وفي هذا العام 2017 ستكمل 32 طائرة الانضمام للأسطول الجوي الجديد، ليصبح متوسط عمر أسطول السعودية ككل هو 3.75، وهو رقم جيد لا يتكرر لدى كل الشركات الأخرى، وإذا جمعنا الأسطول الإماراتي بشركاته الأربع الإماراتية، والاتحاد، والعربية، وفلاي دبي فإن أسطولها الجديد ككل يمثل عدداً أقل من الأسطول السعودي الذي يخدم 27 محطة داخل المملكة فقط، وهو رقم كبير جداً لناقلنا الوطني الذي تذهب نصف مجهوداته ونصف تشغيله في أداء واجباته الوطنية ومسؤولياته الاجتماعية عبر خدمة الخطوط السعودية للقطاعات والمطارات والعسكريين الذي أعطتهم أو منحتهم تخفيضات مهمة تكريماً لهم على خدماتهم الجليلة في حفظ الأمن والدفاع عن الوطن في الجبهات الأمامية للقتال ضد المعتدين.

وعلى الرغم من توقف دعم الدولة للخطوط السعودية منذ سنوات، إلا أنها وهي تقبل على التخصيص التدريجي تدعم شبابنا ببرامجها التدريبية، وأنشأت برنامج رواد المستقبل، وهو برنامج تدريبي عالي المستوى ينتهي بالتوظيف، وإن كنت أتمنى أن يشمل الشابات أيضاً ويؤهلهن للمشاركة في تطوير ناقلنا الجوي في كل أقسامه ومجالاته.

لماذا أستحضر كل هذا؟ إنها رسالة للهيئة العامة للطيران المدني كي تواكب هذا التحسن الذي طرأ على خدمات «السعودية» وأدائها ورغبتها الكبيرة في التطوير، فتبادر الهيئة إلى تطوير البنية التحتية للمطارات وخدماتها الأرضية التي تشكل عائقاً خطيراً أمام القفزات المتوثبة للناقل الجوي الوطني السعودي، فليس من المعقول مثلاً أن تدعم «الخطوط السعودية» محطة جازان بطائرات حديثة من الأسطول الجديد «إيرباص A 330» ثم يقوم مدير فرع هيئة الطيران المدني في المطار نفسه برفضها بحجة أن أرضية مطار جازان لا تتحمل الطائرات الكبيرة، متناسياً أن طائرة الملك سلمان عندما كان ولياً للعهد، وطائرة الملك عبدالله، رحمه الله، قد هبطتا في ذات المطار أكثر من مرة، وقبلهما طائرات الأميرين الراحلين سلطان ونايف، رحمهما الله، وكل طائرات قيادتنا الكريمة أكبر بكثير من الطائرة التي يزعم سعادة المدير أن مطار جازان لا يتحملها، لأن هذا الزعم يدل على سوء البنى التحتية لمطاراتنا وأنها تمثل سقوطاً أو نزولاً لأداء وخدمات الطيراني المدني، في حين ترتفع «الخطوط السعودية» في أدوارها وتقدم عملاً يتطور باستمرار لكنه معرض للانتقاص والبطء في ظل العجز المشهود حالياً في بعض مفاصل الطيران المدني!.