-A +A
د. فهد السحلي Fahadse999@hotmail.com
منذ سقوط نظام القذافي وقبله النظام البعثي في العراق استبشر العرب خيرا أن يكون زمن المؤامرات والدسائس، انتهى إلى غير رجعة، وأن الأنظمة التي تفكر بعقلية (داحس والغبراء) أصبحت من الماضي، ولكن وللأسف الشديد فوجئنا أخيرا بحجم المؤامرة التي ترعاها قطر بحق الدول العربية والخليجية الشقيقة منذ أكثر من 20 عاما، سواء من خلال ذراعها الإعلامية المتمثّلة بقناة الجزيرة أو من خلال الأموال المهربة التي تصل لكل مكان من أجل إحداث الفتنة وخصوصا بين الدول التي عاشت ما يسمى بالربيع العربي.

وتجلى هذا الدور بشكل واضح من خلال تطبيق نظرية «الفوضى الخلاقة»، حيث سقطت أنظمة وقامت ثورات، وكان يقف خلفها المال والإعلام المدعوم من قطر، بل والسلاح والدعم اللوجستي والاستخباراتي.


وظهر هذا الدور بجلاء في البحرين، مصر، ليبيا، وحتى اليمن، ناهيك عن سورية، والعراق، ولبنان، ودول مجلس التعاون الخليجي، وأمام هذا الكم المرعب من الإرهاب كان من الطبيعي أن تخشى دول التعاون الخليجي المجاورة لقطر على نفسها من الخطر الداهم الذي اكتوت منه لسنوات من خلال تفجيرات إرهابية حدثت بالمملكة والبحرين، والكويت، وبالتالي فمن غير المعقول لأي دولة مستقلة أن تتسامح مع أي بلد يسعى لتدميره، ومع ذلك تحملت السعودية وبقية دول مجلس التعاون ومعهم الشقيقة الكبرى مصر ولمدة تزيد على 20 عاما كل هذه التجاوزات والأخطار قبل أن تصل لهذه المرحلة من أجل أن تعيد قطر حساباتها وتعود للبيت الخليجي بدلا من التورط في تمويل الإرهاب.

أما قناة الجزيرة التي لم تدع بلدا عربيا، إلا وأحدثت داخله فتنة فما زالت تقوم بهذا الدور المرسوم لها تحت مسميات مضحكة كالرأي والرأي الآخر، وكأن أبناء المنطقة ينتظرون من هذه القناة أن تعلمهم الحرية والديموقراطية، بينما الواقع يؤكد وبعد أكثر من 20 عاما أن هذه القناة هي معول هدم ودمار، ولو كان لهذه القناة قدرة على التغيير كما يدعون لحولت قطر لدولة ديموقراطية على غرار النظام الموجود في بريطانيا أو السويد مثلا، ولكن ما يحدث أن هذه القناة خصصت أصلا لتدمير المجتمعات العربية وزعزعة الأمن فيها من خلال منح جماعات الإسلام السياسي، والمليشيات الطائفية الحاقدة وما يسمى حزب الله وغيرهم الفرصة لفرض أفكارهم وأجندتهم على الجميع من خلال بث روح الكراهية بين الشعوب العربية لمصلحة إيران واعداء الأمة العربية، وهنا فليس عيبا لو أعلنت قطر أمام أشقائها بالخليج أنها ستراجع تجربة قناة الجزيرة وتعمل على تصحيح الأخطاء وتنظر بما تسببت به هذه القناة، ولكن وللأسف لم يحدث ذلك حتى ولو من باب ذَر الرماد بالعيون، وكأن هناك قوى خارجية تتحكم في توجيه سياسة قناة الجزيرة وليست قطر.

لماذا لا يتعلم قادة قطر من شعارات قناة الجزيرة، التسامح وتقبل الرأي والرأي الآخر، والابتعاد عن عنادهم ومكابرتهم، أليسوا هم أولى من غيرهم ببركات وخيرات قناة الجزيرة؟

أما ما يسمى بالمستشارين العرب، من حملة الجنسيات الغربية ممن تستعين بهم قطر من أجل تنفيذ خططها ومؤامراتها في تدمير المنطقة فقد حققوا وللأسف نجاحات باهرة في تدمير قضايا أوطانهم الأصلية، لمصلحة الأجنبي ومن الطبيعي أن يدمروا منطقتنا الخليجية انطلاقا من حقدهم الأعمى في تدمير كل ما هو عربي ومسلم، ولن يهدأ هؤلاء أو يستريحوا إلا بعد تدمير قطر ودول الخليج العربي الأخرى لتلحق ببقية الدول العربية التي تم تدميرها بمعرفة هؤلاء، وحينها سيكون هؤلاء أول الهاربين إلى خارج قطر والابتسامة تعلو وجوههم بعد قيامهم بالمهمة الموكلة إليهم على أكمل وجه، ومع ذلك لا يمكن لومهم لوحدهم وإنما اللوم الأكبر على من أتى بهم ليدمروا كل ما هو جميل في قطر.

وإذا لم يتحرك العقلاء في قطر بسرعة وقبل فوات الأوان لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وتعود الدوحة لبيتها الخليجي، فالصورة لن تكون وردية لهم وسينقلب السحر على الساحر، وحينها سيندمون حيث لا ينفع الندم.