عبدالكريم
عبدالكريم
-A +A
محمد عبدالكريم المطيري MAMMMA011@
من راقب تويتر هذه الأيام، ارتفع ضغطه، وزاد همه، واكتأب فبكى وانتحب، ثم لاذ بالصمت وأقفل عليه بابه، أصبح تويتر مدعاة للضجر والسخط وأصبح فيه كل شيء إلا ما هو مفيد، امتلأ تويتر حتى طفح من ضحالة الفكر وسوء الأخلاق واللا منطقية، كنت أظنه الصوت السائد ولكنه غدا صوتاً للبعض اتخذوه منبراً فتملكوه واحتكروه، أتوا بشعارات جديدة لمهاجمة فكر قديم وأفعال عفا عليها الزمن، اتهموا ذاك الفكر بنشر الكراهية، وإقصاء المختلف، ومحاربة السؤال الذي لم يملكوا له من الأساس إجابة سوى «بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا». أتى المجددون ليحرروا هؤلاء الناس مما هم فيه، هكذا ظنوا بأنفسهم أو هكذا ظن بهم الناس. تغيرت الشعارات والأهداف والوسائل، وبقيت الأفعال هي ذات أفعال من كانوا ينتقدون، اتهموا سابقيهم بأحادية الرأي وإقصاء المختلف، ووقعوا في ذات الفعل فصادروا آراء الآخرين وأقصوهم لكن ليس باسم الدين هذه المرة، عقلية الإقصاء تغلغلت بمختلف تياراته وتأصل الرأي الأوحد في ثقافة أتت وللأسف من «لا أريكم إلا ما أرى». من يتهم الآخرين بالكره هو كاره لهم بالضرورة، ومن يتهم الآخرين بالإقصاء هو أقصاهم بالضرورة. شن هؤلاء حملات الاحتساب ضد المحتسبين السابقين وبدأت المعركة بينهم، كل يقصي ويتهم الآخر بإقصائه، وكل يكره ويتهم الآخر بالكراهية كل رمى الآخر بدائه وانسل. كانت هذه المعارك لتكون مفيدة لو كانت بحدود الفكر إن كان هناك فكر، ولو سعت للحقيقة لا لحظوظ النفس والغلبة، ولو عززت المبادئ بدلاً من تمييعها وتشكيلها حسب ما تقتضيه المصلحة والظروف، ليست المبادئ وحدها التي فُقدت في معمعة هذه المعارك الكلامية بل حتى الأخلاق والقيم وآداب الحوار طوتها انفعالات الحزبية والتيارات. ولا أستطيع أن أطلق على هذه التيارات أنها فكرية فالفكر منها براء، ولكن كل يدّعي أو لعلهم يؤمنون بأن قضاياهم نبيلة، كنا اعتدنا فيما مضى أن نرفض بل ونحارب فكرة أن الغاية تبرر الوسيلة، فأضحت وسائلنا السيئة مبررة بنبل قضايانا، فالوسائل والأدوات حين تتناقض مع المبادئ الأساسية التي نؤمن ونروج لها فإنها تُفقد القضية نبلها أو ما تبقى لها من نبل مشوه بدناءة الوسائل والطرق والقول والفعل. لابد للكل أن يراجع الأسئلة الأولية مثل: لماذا؟ وماذا؟ ومن أجل ماذا؟ وعن طرقنا ووسائلنا ومبادئنا؟ هذه الأسئلة رغم بساطتها إلا أنها متعسرة الإجابة في بعض الأحيان؛ لأنها إن لم تطرق البال قبل الشروع في عمل ما وفي أثنائه فحتماً سنضل الطريق.