-A +A
حمود أبو طالب
التقرير الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست ويزعم أن دولة الإمارات كانت وراء اختراق مواقع وسائل إعلامية حكومية قطرية ونشر بيان مزور منسوب لأمير قطر، كان مركز اهتمام المتابعين للأزمة لأنه منشور في صحيفة عالمية شهيرة لها رصيد مهم من الخبطات الصحفية الكبرى التي هزت أمريكا والعالم، بيد أن ذلك التقرير لم يكن موثقاً بالإدلة الدامغة المقنعة وإنما مبني على تحليلات واستنتاجات استخباراتية تزعم الصحيفة أنها توصلت إليها، ما دفع سفير الإمارات في واشنطن إلى إصدار بيان توضيحي ينفي تماما صحة ما نشرته الصحيفة ويؤكد عدم علاقة الإمارات بالموضوع، وقد نشرت الصحيفة البيان بالإضافة للموقع الرسمي للسفارة.

هذا التقرير يجعلنا في حيرة إذا ثبت أنه يستند إلى تحليلات استخباراتية أمريكية، فقبل فترة وجيزة صرح رئيس لجنة الاستخبارات السابق في مجلس النواب الأمريكي أن لديهم معلومات مؤكدة عن دعم قطر وتمويلها لأعمال إرهابية منذ وقت طويل، وبعده نشرت تصريحات مماثلة منسوبة لبعض المسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية، والأهم من ذلك كله تصريحات الرئيس ترمب وآخرها في مقابلته التلفزيونية قبل ثلاثة أيام عن علاقة قطر بالإرهاب، فكيف يستقيم هذا التناقض المعلوماتي الرسمي بين ربط قطر بالإرهاب والحديث عن تحليلات واستنتاجات استخباراتية مزعومة قد تشي بمحاولة خلط الأوراق لتبييض سمعة قطر ودعم موقفها بصورة غير مباشرة، وأيضا بما يوحي بأن سبب الأزمة غير حقيقي لدى الدول التي قاطعتها وبالتالي عدم مشروعية موقفها وإجراءاتها.


ومن ناحية أخرى فلا الإمارات أو غيرها من دول المقاطعة بحاجة إلى اختراق وسائل إعلامية قطرية للزج بقطر في هذه الأزمة، لأن قطر مدانة - وليست متهمة - بمؤامراتها التخريبية واحتضان ودعم وتمويل منظمات مصنفة كإرهابية تورطت في أكثر من دولة لتحويلها إلى معترك للفوضى والانهيار والصراع الدموي المستمر، هي مدانة بذلك منذ وقت سابق، وقد أثبتت ذلك الوثائق التي نشرت عن اتفاق الرياض عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٤ وكثير غيرها من المعلومات الموثقة التي نشرت أو التي لم تنشر بعد. ولذلك يصبح لا حاجة أبداً لقيام أي دولة بتلفيق تهمة لقطر بهكذا وسيلة أو غيرها طالما توجد الأدلة الدامغة التي تدينها وتثبت ممارساتها خلال عقدين من الزمن.

من كل ذلك هل يمكننا القول إن وراء الأكمة ما وراءها. أي هل نشر تقرير الواشنطن بوست تمهيد وتوطئة وتحضير إعلامي لموقف أمريكي جديد وغير متوقع قد ينحاز إلى قطر رغم كل ما فعلته، أم أن الأمر لا يتجاوز الاجتهاد الصحفي الذي قد لا يكون صحيحا كما يحدث في كثير من الأحيان.

سوف نرى، و«الأيام لا تخبئ أحدا» كما يقول الروائي عبده خال.