-A +A
محمد أحمد الحساني
على صفحتها الأولى، نشرت عكاظ خبراً بتاريخ 18 /‏10 /‏1438هـ يحمل عنواناً صادماً جاء على النحو التالي: الشورى يُطيح بآمال المحكوم لهم بتعويضات من جهات حكومية.

وجاء في الخبر أن مجلس الشورى أسقط توصية تطالب وزارة المالية بتنفيذ الأحكام الصادرة على أية جهة حكومية بمبالغ مالية لصالح مواطن أو مؤسسة أو شركة، واحتساب تلك المبالغ من الميزانية السنوية لتلك الجهة، وذلك بعد أن لاحظ مقدم التوصية أن العديد من الأحكام الصادرة بتعويضات لصالح المواطنين ضد جهات حكومية لم تُنفذَ من قِبل تلك الجهات!


ولما أكملتُ قراءة الخبر وتفاصيله المنشورة على صفحة داخلية وجدتُ نفسي في حيرة من سلوك مجلس الشورى نحو التوصية المذكورة، فبدل أن يدعمها المجلس إحقاقاً للحق واحتراماً لأحكام قضائية صادرة من المحكمة الإدارية المُوافق على تأسيسها وعلى أنظمتها بمرسوم ملكي كريم، قام بإسقاط التوصية وكأنه بذلك يُشجّع الإدارات الصادر ضدها أحكام من المحكمة الإدارية بالإمعان في ضرب تلك الأحكام عرض الحائط وإذا كانت بعض الإدارات الحكومية قد تعاملت من قبل باستخفاف مع أحكام المحكمة الإدارية، وهو الأمر الذي سبق لي شخصياً الإشارة إليه في عدد من المقالات المنشورة في هذه الجريدة، فكيف سيكون تعامل تلك الإدارات مع أحكام المحكمة بعد إسقاط توصية تنفيذ التعويضات من قِبل مجلس الشورى الذي يُفترض أنه يدعم أي نظام يخدم الحق والحقوق ويدعم الجهات التي أُسست لتحقيق العدالة والإنصاف ومنها المحكمة الإدارية أو ديوان المظالم حسب تسميته السابقة؟!

إن العديد من المواطنين تظلّموا أمام المحكمة الإدارية إما لوقوع تجاوز في استخدام الأنظمة ضدهم من قِبل جهات حكومية وإما لأن لِجان التعويض للعقارات المُزالة لصالح المشاريع العامة لم تُعطهم ثمن المثل حسب ما جاء في نظام نزع الملكيات للمنفعة العامة الصادر بمرسوم ملكي في عام 1424هـ، فوجدت المحكمة أن العديد من الذين تظلّموا صادقون في تظلّمهم فحكمت لصالحهم ضد الجهة التي شكوا منها وتضّمن الحكم تعويضات مالية عمّا لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية مثل التوقيف غير النظامي أو سوء استخدام السلطة من قِبل الموظفين المنفّذين أو (وجود بخس) في التقديرات، وكان من واجب مجلس الشورى اقتراح آلية موضوعية قوية تضمن تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية ولكن المجلس اكتفى للأسف الشديد بإسقاط ما قدّمه أعضاؤه من توصية فعّالة.. ثم نام في العسل!!.