-A +A
عبدالعزيز بن محمد المجلي مدير عام الإدارة العامة للمتابعة والبحوث
رحل وأنا غير مصدق، ولكن كنت مؤمنا بقضاء الله وقدره وأن لكل أجل كتابا، وكل إنسان سيموت، لكن هول الصدمة أنساني كل شيء، كانت آخر مكالمة معه الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم الأربعاء السادس والعشرين من رمضان لهذا العام، وكنت في انتظار المكالمة بعد صلاة الظهر من نفس اليوم، وفجأة

تلقيت مكالمة عصر نفس اليوم من صديق يقول: أعظم الله أجرك في مساعد، وكنت خارجا من مكتبي لمنزلي، واصلت طريقي للمستشفى غير مصدق لما حصل، وصدفة قابلت أحد العاملين وسألته عن قسم الطوارئ غير مصدق، وبعد وصولي رأيت هناك رجالا والدموع تذرف من أعينهم فإذا بهم إخوته، وأبناؤه، وأخوال أولاده، وتأكدت من الخبر وحارت الأقدام.. وانهمرت الدموع.. وانقطع التفكير.. وأثناء نقله لتغسيله وتكفينه فتحت الغطاء وطبعت قبلة على جبينه ورأيته يشع نورا مشرقا وحمدت ربي على ذلك، وسألت الله أن يبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، ومنا جميعا، وأن يجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة.


فجعت برحيل الصديق الأستاذ الدكتور مساعد بن عبدالله السدحان، أستاذ العمارة بكلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود، الصديق الوفي الرجل الشهم الكريم ذو المواقف النبيلة، والأيادي البيضاء، كان خبر وفاته كالسهم في الخاصرة، والرصاصة في القلب، كان هذا الرجل يأسرك بابتسامته، ونبل خلقه، حلاوة لسانه وطيب معشره.

أهداني قبل حوالى أربعة أيام من وفاته نسخة من مجلة الدارة التي نشرت بحثا أعده حول «التأسيس للعمارة الحديثة والعمران بمدينة الرياض في عهد الملك عبدالعزيز»، وطلب مني قراءته وإبداء مرئياتي مكتوبة، ولكن القدر لم يمهل، والأيام انطوت وانقطع صوتي.

كان «رحمه الله» يشرفني بالاتصال اليومي أكثر من مره للاطمئنان عليّ ومناقشتي في بعض الأمور الاجتماعية والآراء النظامية، كان يجمع بين العمق الثقافي والعمل المهني، صاحب رأي ومشورة، محبوبا من جميع معارفه، مقدرا من قبل طلابه، كان يعتبرهم إخوانا له يلتقي بهم في منزله ويناقشهم في بحوثهم خاصة طلاب الدراسات العليا ويوجههم، وكل ذلك خارج أوقات العمل.

مصابنا جلل، ولكن الرضا بالقدر واجب، أعظم الله أجر أسرته الكريمة وعزاؤنا لرفيقة دربه أم محمد، وابنيه محمد، وعبدالله، وابنته نورة.

وفي هذه الأيام المباركة أرفع يدي للمولى الكريم أن يدخله الفردوس الأعلى، وأن يجمعه بوالديه في جنات النعيم. رحمك الله يا قرة عيني مساعد، وأني لفراقك في هذه الدنيا لمحزون، والفؤاد مفطور «إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين».