-A +A
حنان الحامدي Hanan.alhamdi@gmail.com
هي مساكن تم إنشاؤها منذ أواخر الثمانينات وسميت بالأربطة لتحتضن أفراد لم يرد أهاليهم الاحتفاظ بهم، وعوائل لم يجدوا مسكنا، لتكون تلك الأربطة في انتظارهم لتحميهم من حياة التشرد والضياع الذي قد يدخلون فيه، وكان الفضل في ذلك يعود بعد الله لأصحاب الخير، لكن «الزين ما يكمل حلاه» هذه العبارة تجسدت في واقع مُرْ شهدته بعض الأربطة، إضافة إلى التقارير الصحفية التي نشرت في الأعوام السابقة وتناولت بعضا من المشكلات التي تواجههم، فالمباني المخصصة لهم آيلة للسقوط، وتدني مستوى نظافة المرافق، وعدم أهليتها للسكن الآدمي، والوضع الحالي لتلك المشكلات مازال يشهد البطء في التحسينات المقدمة لهم.

ومن داخل أحد الأربطة الموجودة في مدينة جدة منذ القدم، في وسط حارة يقع بالجهة الجنوبية، يحتضن السيدات من كل الفئات العمرية المختلفة من العشرينات وحتى الثمانينات، لكل نزيلة المرفق المخصص لها، ولهم صالة طعام موحدة يجتمعون بها كل ما جاء لهم زائرين من الخارج، إذ إن الفئات العمرية بين النزيلات كبيرة جدا لدرجة أنه لا يوجد أي لغة حوارية بينهم. وفي زيارة تمت من قبل فريق تطوعي «يلا نفرح» فوجئوا حينها فبدلا من استقبالهم بالفرح والبهجة استعدادا للحفل، بدأوا بتبادل الشكاوى عن حالتهم الصحية، إذ إن أدوية البعض منهم فرغت ولم يستطيعوا جلب غيرها، كما أن علاقتهم ببعض كلها ضغائن وأحقاد وأحزاب، وكأنهم مجموعات يترصدون لبعضهم الخطأ ليقضي القوي على الضعيف منهم، وانكشف ذلك بعد توزيع العيديات على الحاضرين منهم ظهر ذلك على ملامحهم.


وهذا أمر طبيعي لأنهم يفتقرون للتنظيم والإشراف الإداري، وهذا يرجع إلى أن المشرفة لا تتواجد بشكل كبير بالدار ولا تعلم عن تحركاتهم داخل الدار وخارجه، ما قد يؤدي إلى التسيب وترك المجال لفعل أمور خارجة عن السيطرة. وشهد الرباط غياب الجانب التثقيفي والتوعوي فهو مهمل تماما، كما أن الجانب الاجتماعي غير موجود، فلا يوجد لديهم ثقافة الاختلاط ببعضهم والتسامح والتراحم في ما بينهم.

فهم خرجوا من بيئات ضحية عدم وجود من يحتضنهم ليصبحوا داخل الرباط بدون هدف أو دراسة أو توعية أو حتى إنتاجية، وللأسف انحرفت بعض الأربطة عن أهدافها النبيلة، فتحولت من مواقع إيجابية إلى سلبية.