-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
«حفظ الأرواح أهم من حفظ ماء الوجه» هذه العبارة البليغة لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد العواد في كلمته بالجلسة العاصفة في وجه قطر، من قبل وزراء الإعلام العرب خلال اجتماعهم بمقر جامعة الدول العربية، ولا بد من التوقف مع معنى ودلالة العبارة، والمقصود بحفظ الأرواح، ما ترتكبه السياسة القطرية وأبواقها التابعة والمأجورة من دعم للإرهاب وتحريض على الفتنة وشق الصف الخليجي والعربي، وقد جعلت منه سلاحا خطيرا قبل الخريف العربي، والفوضى والتدمير بعده بحروب الجيل الخامس.

أما «ماء الوجه» فهو وإن حفظته الدول الأربع لقطر وشعبها الشقيق، لكن دوائر صناعة القرار والإعلام والأصوات المضللة في الدوحة تمادت في خطاب الكراهية والانشقاق والشقاق تجاه البيت الخليجي والعربي، حتى اكتشف الرأي العام في الدنيا، أن السياسة القطرية لم يعد لها وجه، إنما أقنعة ملوثة بجرائم الإرهاب والعمالة للمشروع الفارسي التوسعي التدميري.


أبواق قطر وحتى اللحظة، تفتح شاشاتها وساحتها ومساحتها لرؤوس التضليل والفتنة، وتواري سوءات وجرائم سياستها في تقويض الاستقرار والتدمير والتحركات الخبيثة لصالح مشاريع إقليمية، وحسابات دولية لا ترى المنطقة إلا من منظور مصالحها ولو على جمر هادئ، وهذا ما تلعب عليه قطر، وتبيع انتماءها واستحقاق مسؤوليتها الخليجية والعربية في سوق النخاسة الإقليمية، وهذا يعني بالعامية أن (قطر جابت آخرها) بإسقاط القناع عن عدائها وسياستها الرعناء، لتتحول من شوكة مدفونة إلى خنجر مسموم في ظهر وخاصرة الجسد الخليجي والعربي.

الموقف الرباعي العربي صلب ومستمر وإن بدا هادئا، وجاء رده سريعا على مذكرة تفاهم وقعها وزير الخارجية الأمريكي مع قطر بأنها غير كافية، فهي لا تضمن التزامها، ولا تعالج جذور ومفاصل الأزمة، ولا الدول الأربع تقبل إلا بالالتزام الكامل والحقيقي، خاصة أن قطر نكصت بتعهدها وتوقيعها على الاتفاق الخليجي السابق ولاتزال سادرة في غيها، وحتما لا سبيل لها إلا بالعودة، طال الزمن أو قصر، لكن على أسس مختلفة، فرهانها على التدويل مرتبط بمصالح متغيرة، ناهيك عن خطورة عبثية دعمها للإرهاب والتمدد الإيراني ومشروعه الطائفي وعسكرته بأذرع إرهابية مسلحة، وخطط تفتيت روابط الدولة الوطنية.

فصول الأزمة تسخينا أو تبريدا لن تنتهي، وقد بذلت الكويت الشقيقة مساعيها الحميدة على أعلى مستوى ولا تزال، وهي تفيض ألما مما آلت إليه الأزمة وخطورة تدويلها. لكن ما يحدث من قطر يفك المزيد من شفرات الصندوق الأسود لتوجهاتها الدفينة، والأدلة دامغة على أرض الواقع مهما بلغ خداع وإنكار وادعاء المظلومية.

ممارسات الشيزوفرينيا القطرية ليست مجرد شروخ سياسية، إنما تحطيم متعمد لموجبات انتمائها الخليجي والعربي، ومطالب الدول الأربع وإن لم تعد قائمة بعد هذا الطفح العدائي القطري، إنما تظل عمليا المفتاح الوحيد للحل، وإن اتسع التمادي القطري بدفع إيراني مستميت واستقواء بقوات أجنبية، وشبكات ومنصات تضليل، وهذا يراه ساسة قطر (سيادة وصموداً ونفوذاً) وفي حقيقته انسلاخ رخيص يؤلم القطريين قبل غيرهم، وتتضخم فاتورته على الدوحة مع جبل الثلج، وسيتحتم عليها سدادها يوما قريبا أو بعيدا بما رفضته، أو عندما تحترق بأيديهم ما خططوا له بعلتهم الدفينة؛ فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله، وإن بدا لهم غير ذلك إلى حين، وهذا درس التاريخ لو أسمعت حيا!.