-A +A
مي خالد
في ستينات القرن العشرين عاشت فتاة بحرينية مدهشة اسمها «ليلى»، سافرت لبيروت للدراسة في الجامعة الأمريكية حتى حصلت على درجة الماجستير، وفي أعقاب ذلك بقليل قامت ثورة ظفار في عُمان بدعم من عدن «اليمن الجنوبية»، صحيح أن الثورة كانت لتحقيق مبادئ شيوعية ورفع الراية الحمراء على عُمان التي كان يحكمها سعيد بن تيمور السلطان الرجعي الظلامي الذي حارب كل مظاهر المدنية والحضارة، ولم يسمح بدخول التكنولوجيا في أبسط صورها كالراديو مثلا. ولم يسمح بافتتاح المدارس بل أبقى على ثلاثة كتاتيب فقط في جميع أنحاء السلطنة، وهو والد السلطان قابوس الحاكم الحالي لعمان.

وهذه حال السياسة التي يصنعها الرجال، فليس كلها خيرا محضا ولا شرا صرفا، لكنها أحوال ودول وصراعات وحروب قد لا تفهمها النساء كثيرا. لذا لا أحبّ أن أتصور أن ليلى فخرو البحرينية كانت تفكر في شيء من هذه المبادئ السياسية حين توجهت لظفار كي تشارك في الثورة، فحملت السلاح نهارا لمقاومة الإنجليز وفي المساء جلست لتعلم صغار ظفار صبية وبنات القراءة والكتابة، بعد أن تحصلت على بعض المناهج من عدن ونسخت بعضها الآخر بخط يدها.


ثم بعد انتهاء الثورة بانتصار الانقلاب، سعت ليلى فخرو لافتتاح المدارس الرسمية في أنحاء عمان. وقادت هذه الفتاة البحرينية حراكا تنمويا رياديا في مجال التربية والتعليم في عمان. خاصة وأن لها تجربة سابقة تطوعية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

عاشت «ليلى» تحت اسم حركي لحمايتها وحماية نضالها، وهو «هدى سالم»، الذي اشتهرت به في الوطن العربي كله وتناول سيرتها كثير من الأدباء والكتاب العرب بالتبجيل الذي تستحقه.

ويقال إن رواية وردة للروائي المصري الكبير صنع الله إبراهيم، التي تناول فيها أحداث ثورة ظفار من خلال سيرة فتاة اسمها وردة حملت السلاح وعلمت الأطفال هي المعادل الموضوعي لسيرة حياة ليلى فخرو.

وكعادة المناضلين عاشت ليلى منفية في قبرص 25 عاما. قبل أن تتوفى عام 2006 وتنعاها الصحف الرسمية في البحرين.