-A +A
عيسى الحليان
ليس من عادتي الرد على أي تعقيب على مقالاتي، إلا في أضيق الحدود، وفي إطار الضرورة أو المصلحة العامة، لكن التعقيب الذي صدر من الدكتور صدقة فاضل يوم أمس الأول (الأحد) في صحيفة «عكاظ» حول مقترح إقامة هيئة أو وزارة للأنظمة يجعل لا مناص من التعاطي مع طرح الدكتور فاضل، ليس لأنه فاضل على اسمه فحسب، ولكن لأن طرحه كان منطقياً وموضوعياً واستفدت من مضامينه قبل غيري، وهو وإن كان يختلف معي حول هذا المقترح وهو محق بذلك، فأنا لا أختلف معه حول رده، ليس لأن الإدارة مدارس وأنماط مختلفة وكل يفصّل ويلبس على مقاسه فحسب، ولكن لأن طرحه كان مثاليا بالمطلق، فيما طرحي ينحو على وجه العموم باتجاه ما هو ممكن وما هو غير ممكن، آخذاً بعين الاعتبار طبيعة الإطار الإداري والتنظيمي والتشريعي القائم في البلاد وتعقيداته المختلفة، وواضعاً نفسي مكان المشرع وصاحب القرار في آن واحد، وبالتالي ما هو ممكن وما هو غير ممكن خصوصا أن مثل هذه الهياكل المقترحة لا بد أن تتقاطع في نهاية المطاف مع الأنظمة الأساسية للبلاد، وبالتالي قد لا تتناسب الفكرة التي نؤسس عليها طروحاتنا ومقترحاتنا، مهما كان جمالها، مع الأطر والتشريعات الحالية ما لم تتغير هذه الهياكل الأساسية ذاتها.

أنا أتفق مع د. فاضل أنه لا توجد وزارة للأنظمة في التجارب الأخرى، لكن ثمة وزارات للإصلاح الإداري وهي أكبر وأشمل، وبالتالي حاولت تجنب مثل هذه التسمية لأكثر من سبب، أقلها أن مفردة الأنظمة مفردة مهادنة ومحببة للمشرع السعودي، خلاف أنه لا يمكنني الدفع أو الموافقة على مقترح نقل هيئة الخبراء إلى مجلس الشورى، كما طرح الدكتور فاضل لأن هذه الهيئة لا تختص بصياغة الأنظمة أو مراجعتها فحسب كما يبدو ظاهرا، وإنما تعنى بدراسة المعاملات التي تتضمن وضع قواعد عامة أو تتطلب إصدار المراسم الملكية، ووضع الصيغ المناسبة لبعض الأوامر السامية والمراسيم الملكية ومشاريع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الدول، وأعمال التنظيمات واللوائح والقواعد، والقيام بأعمال الترجمة للاتفاقيات مع الدول وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها، وقد يتفق معي الزميل العزيز بأن معظم هذه الجوانب تتعلق وتتماهى مع الدور التنفيذي لمجلس الوزراء أكثر منه مع الدور التشريعي لمجلس الشورى.