-A +A
هاني الظاهري
عندما أخذ الإعلام السعودي موقفا تاريخيا مشرفا في الدفاع عن مصالح الوطن ودخل في مواجهة (كسر عظم) ضد تآمر النظام القطري الذي استخدم كل الوسائل التقليدية وغير التقليدية لضرب تلاحم شعوب المنطقة وزعزعة أمن دولها ودعم الجماعات والتيارات الإرهابية والمتطرفة، عند ذلك فقط تمايزت الصفوف وصمت من صمت من الإعلاميين ومشاهير الشبكات الاجتماعية ذوي الهوى الإخواني والبطون المنتفخة بالأموال القطرية مدعين الحياد، أو تجنب الفتنة أملاً في استمرار الكسب من الميزانية المخصصة لخلايا «عزمي بشارة».

لم يصدّق هؤلاء في بداية الأمر أن المسرحية القطرية انتهت دون رجعة وأن من يمولهم قُطعت يده خليجيا وفقد بشكل نهائي كل السبل لاستمرار حشو جيوبهم بالعيديات والهدايا العابرة للحدود، ولذلك راهنوا على الصمت لأسبوع ثم أسبوعين ثم شهر، وانشغلوا طوال تلك الفترة بنشر الحكم والأمثال وإعلانات العطور والأغذية عبر حساباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي، أما على مستوى المقالات في الصحف فقد حولوها للحديث عن مطبات الشوارع، وإشارات المرور، ومن أحرقه الأمر كثيرا ولم يستطع الصبر بدأ في انتقاد أساليب الإعلام الوطني الحر التي عرّت التآمر القطري الإيراني، وكشفت مخططاته في استهداف أمن بلادهم، وهذا موقف عدائي صريح للوطن رغم تبرقعه بادعاء المهنية وغير ذلك من ترهات لا قيمة لها ولا لون وقت المعارك الوطنية ووقفات الشرف.


بعد مرور شهر على الأزمة بدأ معظم هؤلاء في مراجعة حساباتهم وإحصاء خسائرهم، ولأنهم يعتقدون أن الوسط الإعلامي الوطني الحر ليس لديه ذاكرة، قرروا أخيرا القفز من المركب الإخواني القطري الغارق، ومن ثم ركوب قطار الوطنية، معتقدين أنه وسيلة كسب جديدة، لا إيمانا بأن الدفاع عن الوطن ديدن الشرفاء والأحرار الذين تظهر مواقفهم في الأزمات.

بعض الطيبين من أبناء الوطن يرون أن ثوب الوطنية واسع ويستوعب كل هؤلاء العائدين من كانتونات الخيانة والتآمر، ولا اعتراض على هذا من حيث المبدأ، فقلب الوطن كبير، لكن هذا الوطن الذي كرمه الله بالإيمان لا يُلدغ من جحر مرتين، ولا يستوي هؤلاء مهما حاولوا إتقان دورهم الجديد مع شرفاء الإعلام السعودي الأبطال الذين لم يقبضوا الأموال من أعداء بلادهم طوال سنوات ولم تُهد لهم الشقق السكنية في منتجعات الخليج مقابل طعن الوطن في خاصرته وقت احتدام الأزمات.

أخيرا أقول وبكل اختصار إن هذا الوطن غني بأبطاله في كل ميدان ولا يضره من تآمر عليه أو قبض ثمنا بخسا لخيانته، أو حتى من وجدوا أن «الوطن غالٍ فقرروا بيعه»، وهذا ما يجب أن يدركه «تجار شنطة» المواقف.