-A +A
حسين شبكشي
اللغة العربية غنية وثرية، وفي الخطاب السياسي الموجه إعلاميا من الممكن التلاعب والتوجيه بالعديد من المصطلحات كما بينت لها الأحداث المتتالية في ملف الربيع العربي. الخلط في المعاني واضح جدا. فمن الذي يفصل بين الإرهاب والثورة؟ وبين البلطجة والاعتصام؟ وبين الفوضى والاحتجاج؟ الاختلاط الهائل العظيم بين المعاني ومرافقتها «بأدلة» مصورة وموثقة بحسب ما كانت توصف حين عرضها وبثها. المصنع وورشة الأكاذيب بدأت تتضح وبدأت التسريبات تكشف أحجام الخداع وعمق المؤامرات من «المطبخ» القطري الذي كان وراء كم مهول من التآمر الدنيء بحق تونس وليبيا ومصر والبحرين واليمن وسورية والسعودية والعراق. كانت قطر عبر محطتها الفضائية تبث الصورة النمطية نفسها في كل مشهد عربي تدخل إليه الكاميرا التي تنقل الحدث، كانت نفس الأساليب ما تتبع ونفس اللوحات التي ترفع ونفس الشعارات التي يتم وضعها في توافق مريب، وفي كل مرة كانت تتم فيها «شيطنة» مطالب شعبية بسيطة لتتحول إلى أساليب قمعية ودموية فظيعة، وخرج الوحش الأصولي الإرهابي بوجهه وتحت رايات الدين المخلوطة بالثورة، ضلت بوصلة الإصلاح وجهتها لتظهر حقيقة ما كان يخطط ويدبر له وأن الضحية هم الناس في كل هذه الدول التي كانت تسير جماهيرها كالقطيع نتاج تأثيرات بعض المصطلحات والمفردات والتركيز عليها واستمرار تكرارها في النشرات وفي اللقاءات والحوارات وتدويرها مرارا وتكرارا، حتى باتت جزءا أصيلا من الرسالة المزمع إيصالها ومن الفكرة التي يتم الترويج لها. وكل ذلك يقع كتطبيق حقيقي وعملي للمقولة الشهيرة الواردة في الأثر المعروف التي تقول إن من البيان لسحرا. واليوم تستمر السياسة الإعلامية في نظام الانقلاب بقطر على نفس النهج متلاعبا بالألفاظ والكلمات والمفردات ويستمر في لي الحقائق، فيركز إعلامه على كلمة حصار اقتصادي وهي كلمة لا تصف الحال الحاصل في قطر، فالحصار يعني عدم وصول أي سلعة للدولة، بينما ميناؤها ومطارها يعملان بشكل طبيعي والبضائع تأتي إليه، والذي حصل ما هو إلا تصرف سيادي من الدول التي قاطعت نظام الانقلاب في قطر، ولكن المشروع الخبيث لقطر مستمر فأبطال الفيلم لا يزالون أنفسهم موجودين يستخدمون فيه نفس الأدوات من مال وإعلام وشراء ذمم، لا ينافس النظام الانقلابي في خياناته ودناءاته سوى المغيبين ممن يؤيدونه والذين باتت أمامهم الأدلة القطعية على ما فعلوه من جرم قبيح ومع ذلك يواصلون تقديم المبررات والأعذار الواحد تلو الآخر. الفيلم القطري الرخيص الذي انطلق مع وصول قائد الانقلاب إلى الحكم تحول إلى سرطان ينهش في جسد المنطقة، تحالف مع كل أعداء المنطقة بلا استثناء لتحقيق دوره في الفيلم وهو التفتيت وإعادة صناعة المنطقة برؤية وبمرتزقة، إلا أنه فضح أمره وأصبح كالمجرم الذي جلب العار لأبناء حارته وهو عقاب قليل عليه.