-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
في نوفمبر ١٩٨٦م كنت في بغداد لحضور مؤتمر اتحاد الصيادلة العرب والذي تزامن مع مهرجان المربد، كنا نسكن فندق الرشيد مع ضيوف المؤتمر والمهرجان ولا نخرج كثيرا لأن الحرب بين العراق وإيران على أشدها وبغداد مهددة بصواريخ سكود، كنا نتسامر ليلا في بهو الفندق وكان أكثر ضيوف المربد من (المحسوبين) على قضية فلسطين وثراء حساباتهم منها وبعض من دول عربية أخرى لا تنعم بما نعمت به دول الخليج من ثراء ورخاء ورفاه.

لم يكن التسامر وديا قط، كان بعضهم يكيل السب والشتم لدول الخليج وفي مقدمتها السعودية، وكنت أجادلهم وأطيل جدالهم خاصة أني كنت أدرك كصيدلاني أن الكحول يثبط العقل ويثير ما في الصدر وكانوا يتوافدون من مشرب شهرزاد الذي يقبع قريبا منا في ركن ببهو الفندق فتخرج من أفواههم حمم من الكراهية أشبه بحمم بركان ثائر، وكنت أجادلهم بهدوء السعودي الواثق المحسود فيزدادون غيضا، حتى إن أحد الناصحين قال لي «اتركهم لا تجادلهم فهؤلاء أسهل ما عليهم قتل خصومهم أو توريطهم مع السلطات!».


تريدون الصراحة «خفت شوي».

في فجر اليوم التالي سقط صاروخ سكود في حي قريب من الفندق فاهتز مبنى الفندق، وبعد الظهر خرجنا في جولة في الحي المنكوب، سحق الصاروخ ١٣ منزلا قبل انفجاره، ولا أنسى مشهد عدد من سيارات (الوانيت) تسير حاملة عشرات الأكفان، شبهتها بعلبة كبريت مفتوحة.

لم تحرك مشاهد الخسائر البشرية في البلد المضيف شعرة في رؤوس رواد مشرب شهرزاد، ليس لصلع، فأكثر ما فيهم شعرهم، وأقله شعورهم!.

منذ ذلك التاريخ وأنا أعتقد، وما زلت، أن الحاقد على وطني هم ممن نسوا الله فابتلاهم بحكومات فاسدة جاءت على دبابة وخلف مدفع وأكلت خيرات البلاد وتعمدت حرمانهم وأعاشتهم في عوز دائم فهم لنا حاسدون، وأتذكر أمانيهم وتوقعاتهم بنكبة تصيب وطني فيفتقر!، ومضت السنين وبقيت السعودية يداً عليا تعطي بسخاء وأياديهم سفلى تأخذ من كل من يرمي لها بدولار أو روبل أو شيكل!.

ما زلت على ظني فنفس هؤلاء ومن على شاكلتهم، ممن احتفلوا بغزو الكويت ورقصوا على ضرب الرياض وتمنوا زوال نعمة قطر والإمارات وتسعدهم فتنة في البحرين، نفس هؤلاء وجدوا في قناة الجزيرة وبعض المؤسسات القطرية مرتعا لقذف حمم براكين حقدهم ونفث سمومهم وتفريغ حسدهم.

المواطن القطري كريم بما أنعم الله عليه فلا يحسد، ومنتمٍ لأصله فلا يحقد، ومرتبط بجذوره فلا ينفصل عن السعودية ولا يكيد لأهلها ولا يخون ولا يشذ عن جمع الخليج، ولا يعيب شعب قطر إن أفلح شياطين الحقد مع واحد أو اثنين فنزغوا بين ابن وأبيه أو أخ وأخيه أو طمع ابن عم في حكم ففرق ليسود.