-A +A
محمد الدليمي
ينصرف مفهوم الدولة في جانب أساسي منه إلى السلوك السياسي لها إن كان على صعيد البيئة الداخلية أم المحيط الداخلي، وتصرفات الدول تكون محكومة بضوابط قانونية وأخلاقية لا يمكن أن تحيد عنها الدولة تحت أي ظرف من حيث إنها وحدة سياسية من مكونات النظام الدولي يجب عليها أن تحتكم للقوانين والمعاهدات الدولية وتؤدي التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وأخلاقيات الدول في التعاطي مع المشكلات والتحديات التي تجابهها.

لكن الملاحظ لتصرفات قطر منذ تولي الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة في منتصف تسعينات القرن الماضي يصاب بالاندهاش؛ فهو سعى إلى احتواء كل توجهات وحركات التطرف والعناية بها وتوفير منصات إعلامية لها وتغطيات مادية، والجميع يعلم أن العقل المخطط لعمليات سبتمبر في أمريكا خالد شيخ أحمد كان موجوداً في الدوحة وبعلم السلطات الرسمية القطرية، كما أن أمير قطر دشن مشروعه الإعلامي الكبير قناة الجزيرة لكي تكون بوقا إعلاميا احترافيا ينفخ بكل الرواسب في المجتمعات ويعمل على إثارة القلاقل والنزاعات وليس أدل على ذلك من متابعة برامج الجزيرة والتي كان أول مسمار لها السعي لتهشيم الزعامات العربية واستجلاب معارضين من أزقة وحواري الغرب ليقدموا للمشاهدين حفلات من الردح والبصاق وقذف قوارير المياه في الأستوديو ومن ثم الانتهاء بالعراك بالأيدي ونزف الدماء مصحوبا بأقذع أنواع الشتائم والسباب مما لم تألفه الذائقة البصرية للمشاهد العربي.


قطر عبر احتضانها للإخوان المسلمين وقيادات دينية من الشيشان والجزائر وليبيا والخليج وتوظيف جمعياتها الخيرية في مسلك خطير هو تولي دعم الإرهاب في المنطقة وتوفير السيولة المالية لعناصر التطرف بحسب أساليب غاية في الدقة والخطورة، تكون اختارت لنفسها أن تمارس دور المنظمة وتخلت عن منطق الدولة والتزاماته الأخلاقية، لتتحول إلى مجرد منظمة تأخذ شكل دولة وتقوم بتصرفاتها على رؤوس الأشهاد، أرسلت طائرة خاصة إلى بغداد محملة بحقائب الملايين من الدولارات لتقدمها لقاسم سليماني وحشده الشعبي الذي يتحرك بشكل مباشر لضرب حلقات الأمن القومي العربي وتنفيذ سياسات إيران التوسعية في المنطقة، وهي موجودة في ليبيا مع داعش والقاعدة وأنصار الشريعة وكتائب المفتي الليبي الغرياني، كما أنها تقاتل مع حماس غزة وكتائب بيت المقدس في سيناء، وقطر المنظمة تمد بالأموال حركة طالبان وتستضيف مكتبا تمثيليا لها في الدوحة، كما أنها تشجع حركة أبو سياف في الفلبين، وترسل من جزر القمر حاويات مصانعها من المياه المعدنية والأغذية إلى حركة الشباب المجاهد في الصومال لتبيعها في أسواق مقديشو وتجني عائد المبيعات.

قطر المنظمة هي أقرب إلى سلوكيات المافيا؛ إذ قامت بإنشاء شركة طيران لحكيم بالحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة في ليبيا لكي توظف عائداتها في تمويل عناصر التطرف والتخريب عن قرب وتمدها بالسيولة المطلوبة إضافة لما كشفه العقيد المسماري من الجيش الوطني الليبي من وثائق تدل أن الملحق العسكري القطري في تونس العقيد الهاجري يشرف على تمويل حركات التطرف في تونس وليبيا والنيجر وصحراء أفريقيا، بل إن وزير العدل التونسي يوم أمس قرر تكليف القضاء بفتح ملفات تمويل الإرهاب القطري في تونس.

هذه دولة أم منظمة من المافيا تشتغل وفقا لقواعد العمل السري وتقوم على تمويل ورعاية ودعم الإرهاب في كل مكان ثم يأتي البيت الأبيض ليقر رئيسه أن قطر تمول الإرهاب وعليها أن تتوقف وكأن الأمر أن قطر تسير في رحلة سياحية أخطأت المسار؟؟

المطلوب من المجتمع الدولي قاطبة محاصرة هذه المنظمة الخطيرة على أمن البشرية جمعاء بل وإحالتها إلى محكمة الجنايات الدولية لغرض ردع كل من يريد أن يسير في دروب الإرهاب والفوضى والتدمير. نحن بحاجة إلى لحظة مصارحة حقيقية والبعد عن المجاملات والقبول بالوساطات فمن ينشد الأمن والسلام ومحاربة التطرف والإرهاب عليه أن يرفع صوته ويحدد موقفه من قطر.

قطر شر مستطير.

al.dulaimi@hotmail.com