-A +A
طارق فدعق
من روائع هذا الشهر الفضيل العديدة هي إعادة استكشاف نعم الله التي لا تعد ولا تحصى. والعديد منها أمامنا يوميا، وللأسف أننا نعتبر أن معظمها بسيطة بالرغم من عظمتها. تأمل في عدد المرات التي قرأت فيها سورة التين مما يعكس أهمية هذه النعمة العظيمة. وطبعا هي السورة الوحيدة التي تذكر الفاكهة الرائعة في عنوانها، وفي فاكهة التين وشجرة التين ستجد العجائب الجميلة وإليكم بعضا منها: لنبدأ بالفاكهة نفسها فهي غريبة جدا لأنها أشبه بالحديقة في جوف التين. ولو دققت في التين ستجد أنها من الثمرات التي لا تنمو على أشجارها الزهور.. والواقع هو أن الزهور بداخل الفاكهة في أروع منظومة تغليف؛ يعني عندما تأكل التين فأنت تأكل حديقة صغيرة مغلفة تغليفا محكما. وكل من تلك الزهور بداخلها تم تلقيحها من خلال معجزات عظيمة. أولا نبات التين الذي يؤكل فيه ذكور وإناث ويجب أن تلقح الذكور الإناث للتكاثر. وقد وفر الله للزنابير هذه المهمة حيث تقوم أنثى هذه الحشرات الطائرة بحمل اللقاح ونقله جوا. وعند وصول الحشرة الى أنثى الشجر تجد أن لا وسيلة لدخول اللقاح إلى داخل حبة التين إلا من خلال قناة صغيرة في أسفل الفاكهة. وبالرغم من حجم الحشرة الصغيرة، إلا أنها لا تستطيع الدخول إلا بصعوبة بالغة، لدرجة أنها تفقد أجنحتها بالكامل أثناء دخولها من الفتحة الصغيرة جدا. وبعد ذلك تجد ضالتها في الحديقة الغنية بداخل الفاكهة فتضع البيض، ثم تكون قد أكملت مهمتها فتموت. ويفقس البيض بإرادة الله عز وجل فيخرج منه الذكور والإناث. وبعد فترة يلقح الذكور الإناث ثم يموتون وتخرج الإناث من جوف الفاكهة وتعود الدورة من جديد ببحثهم عن اللقاح من ذكور النبات ثم تلقيحهم لإناث النبات وهكذا.. ولكن ماذا عن جثث ذكور الزنابير بداخل الفاكهة، فهل عندما نأكل التين نأكل مئات الحشرات الميتة؟ الإجابة هنا هي أن الله أنعم علينا بجعل التين يحتوي على إنزيمات هضم جبارة تستطيع أن تحلل بقايا أجسام الحشرات بالكامل. وهذه الإنزيمات تهاجم كل من يهدد ذلك النبات العظيم. فلو حاولت الحشرات مهاجمة شجرة التين لالتهام أوراقها أو ثمراتها تنصب عليها هذه الإنزيمات الفعالة فتقتلها. وهذه الإنزيمات مشهود لها في عالم النبات وتسمى «فايزون». وويل لمن يتعرض لنبات التين قبل أوانه. ولو حاولت أن تأكل ثمرات التين الفجة فالغالب أنك ستصاب بحرقان في الجلد وعلى اللسان بسبب تلك الإنزيمات الحارقة.. وإلى هنا لم تنتهِ عجائب التين فهناك المزيد..

شجرة التين نفسها تحتوي على العجائب فهي من «قبضايات» الأشجار إن صح التعبير فهي قوية و«حمالة أسية» وستجدها من الأشجار التي تنجو عادة في الغابات التي تتعرض للظروف الصعبة. ففي العديد من الكوارث التي أصابت دول شرق آسيا، تجد أشجار التين في قمة الأشجار التي تنجو أو تلك التي تعود بعد مرور المحنة. وهي أشجار ضخمة وتتميز بعروقها وجذورها الضخمة جدا التي تشبه حلوى «المشبّك» وتنمو بهمة الى الأسفل باتجاه الأرض. وتستطيع أن تهيمن على الأشجار الأخرى لتحرمهم من نعمة أشعة الشمس في الطبقات العليا للغابات. وبسبب كل هذا تجد أن لها مكانة خاصة في العديد من الدول ففي بعض الأقاليم في إندونيسيا، والهند، يحرم قطعها بسبب مكانتها الرفيعة.


أمنيـة:

تخيلوا كل هذه النعم التي لا ندرك أسرارها وروائعها بالرغم أننا نستمتع بفوائدها دائما. أتمنى أن نتذكر كل هذا في كل مرة نقرأ أو نسمع أو نرتل سورة التين.. وفي كل مرة نستمتع بأكل هذه النعمة التي أكرمنا بها الله عز وجل..

وهو من وراء القصد.