-A +A
محمد أحمد الحساني
سبق لي قراءة أخبار وإحصائيات عن ارتفاع نسبة المدخنات من الفتيات واللائي لم يزل بعضهن في مرحلة المراهقة وأن هذا البلاء وصل إلى طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية اللائي في عمر الزهور الندية، وأن تدخينهن قد يكون من وراء ظهور أسرهن، ولكن زواراً لملاهي أطفال وعائلات في جدة باتوا يتحدثون عن فتيات صغيرات يدخن «المعسل» بوجود الأسرة وأمام الملأ، حيث تجلس كل واحدة منهن جلسة اعتداد بالنفس وتمسك بأناملها الرقيقة خرطوم المعسل وتنفث الهواء إلى الأعلى وهي تراقب من طرف خفي نظرات من يمر بها من أترابها أو من الشبان أو العوائل، شاعرة بالسعادة لأنها استطاعت لي الأعناق نحوها معتبرة ما تفعله تحررا من القيود الاجتماعية الغليظة، مفسرة تلك النظرات بأنها نظرات إعجاب بجرأتها وقوة شخصيتها وأنها لا تقيم وزنا لأحد!

وما أشار إليه زوار ملاهي جدة شاهدته من قبل في ملاهٍ ومطاعم مفتوحة تقدم الأكلات المنوعة للعوائل، وتستجيب لطلبات من يطلب من أفراد الأسرة ذكراً كان أم أنثى معسلا بالتفاح أو الخوخ أو العنب حتى أصبح الأمر عادياً مع أن الأماكن العامة في المدن المحترمة لا يسمح فيها بالتدخين أياً كان نوعه، بل إن النساء في دول الغرب نسبة المدخنات منهن ضئيلة جداً لأنهن يرين أن التدخين ضد تكوين الأنثى وجمالها وهي تسعى لضحكة بيضاء فكيف يتحقق له ذلك إذا ما دخنت وعلا الاصفرار أسنانها حتى تغدو كأنها أنثى الضبع، فكيف بعد ذلك يمكن تفسير تورط فتيات مراهقات وشابات ونساء في عادة التدخين التي تعد من أسوأ العادات وأخطرها على صحة الإنسان، مع العلم أن نداء «النيكوتين» سوف يصاحب الفتاة مدى عمرها وقد يقضي على فرصتها في «التبعل» إلا ممن هو على شاكلتها، وكم من طلاق وقع من امرأة وبعلها لأنها تصر على التدخين فيما هو يرى أن ذلك دليل على تربية فاسدة وأن ارتباطه بها ورطة لاسيما إذا ما عجز عن إقناعها بالعدول من آفة التدخين، ثم كيف ستتعامل مثل هذه «الأم الرؤوم» مع أطفالها الصغار إذا ما حكم عليها مزاجها المدخن بحمل طفلها أو طفلتها بيد والسيجارة في اليد الأخرى كما يفعل بعض الرجال مع أطفالهم الرضع حتى صُمم إعلان توعية علق قبل فترة في الشوارع يظهر فيه طفل يحمله والده بيد ويدخن باليد الأخرى ومع الصورة عبارة على لسان الطفل تقول: لا تقتلني يا أبي!، وبدل أن ينجح المجتمع ومؤسسات ودعاته في إقناع المدخنين بأخطار التدخين عليهم وعلى من حولهم، لحقت بهم البنات والنساء ومارسنه في أماكن عامة دون أن ينكر أحد هذا المنكر، إلا أن يكون ذلك قد حصل بأضعف الإيمان على حد قول داود الشريان !.


mohammed.ahmad568@gmail.com