-A +A
عبير الفوزان
عندما يسألك أحدهم عن توقعاتك حول نتائج أزمة ما، أو عن الوقت المتوقع الذي ستستغرقه قضية ما لتنتهي، فإن العقلاني يسوق إجابته بناءً على الأدلة والقرائن، لا بناء على ما يتمنى هو أو يتمنى السائل. كثيرون يخلطون بين الأماني والتوقعات، فمثلا، عندما تكون توقعاتك مخيبة لآمالهم، يناصبونك العداء، وربما رموك بأقذع السباب.

بين الواقع والأماني بون شاسع.. فإذا علق أحدهم بأن الأزمة بين دول مجلس التعاون الثلاث السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى ستطول، وذلك بناء على قراءة منطقية لمجريات الأحداث، أو أن قطر -بناء على الواقع والحقائق- دولة غنية لن تجوع ولن تظمأ نتيجة هذه (المقاطعة) التي سميت زورا لكسب التعاطف (حصارا)، فإن من الصبيانية أن يُرمى صاحب هذا الرأي بالحجارة، وتكال له الشتائم. مع الأسف تمادى بعض مذيعي قناة الجزيرة القطرية في الصبيانية وتخيلوا أنفسهم لوهلة ضمن فوج أطفال الحجارة، وانزلق بعض هذا البعض إلى مرحلة الطفولة المبكرة، وتمطق باللبن الرائب المستورد من تركيا والذي يبلغ سعره أضعاف سعر اللبن الرائب السابق! هذه الحرب الصبيانية المتناقضة بين اللاطم بمظلومية والمتمطق بالزبادي من قبل مذيعي قناة الجزيرة تثير الشفقة، وتكشف مدى هشاشة عقولهم قبل قلوبهم.


قالوا -قديماً- آفة الرأي الهوى، وقال ابن الصمة «من علا على هواه، عقله فقد نجا».. ليس بالضرورة أن يُسمعك الآخرون ما تود أن تسمعه، وليس بالضرورة أن غسلك لعقول الناس طيلة العقدين الماضيين جاء بالنتيجة التي تمنيتها، لا توقعتها بمنطق..

فقط.. كن إنسانا واخرج من عباءة القرد الذي تعب رقصا على إيقاع طبول المرتزقة، وواجه مصيرك، فالمواجهة تحتاج توقعات عقلانية.. لا أمنيات حالمة.

abeeralfowzan@hotmail.com