-A +A
يحيى الامير
لم تعد قطر للقطريين، ولم يعد لهم منها سوى المال والمساكن والمطار الذي يغادرون منه إلى العالم ويعودون إليها منه، أما الدولة والمستقبل والقرار والجوار والطمأنينة والمصير المشترك مع إخوتهم وجيرانهم فلم يعد له مكان منذ أن حولهم النظام إلى مجرد بطاقات وطنية وأرقام لا قيمة لها.

القطري جزء من النسيج الاجتماعي الخليجي ومصيره جزء منه لكن النظام هناك لديه رأي آخر وهو ما يجعل القطري في حالة غربة عن محيطه وعن نظامه أيضا لأن لا الشعب ولا النظام مرتبطين ببعضهما البعض. وهذه حالة لا مثيل لها في الخليج بالطبع وربما في العالم.


المؤثرون في القرار القطري ليسوا من أبناء قطر وبالتالي فلديهم من الحسابات والخطط والأهداف ما تجعل الإنسان القطري بعيدا عن كل ذلك ولا تقيم له وزنا ولذلك تم الزج به في تلك المخططات الرديئة التي جعلته في مواجهة مع محيطه ومستقبله أيضا.

يضرب المواطن القطري كفا بكف وهو يرى هذه المقاطعة الخليجية المستحقة جزاء لنظام بلاده ويرى كيف انفصل عن محيطه، وبينما ينحني أمير البلاد مقبلا رأس أحد الإرهابيين الأجانب المؤثرين في قرار بلاده ينحني المواطن القطري خيبة وحسرة على مستقبله وواقعه أيضا.

العودة إلى ما قبل العام ١٩٩٦. هذا هو السيناريو الأبرز الذي يراود ذهن كل قطري والتخلص من آثار الانقلاب الفاسد الذي أدخل قطر في هذا المأزق التاريخي.

منذ ذلك التاريخ بدأ التآمر على الخليج، وبدأت المكائد التي تحاك مع أشد أعداء المنطقة وظهر أن المجموعة الانقلابية مستعدة للتحالف مع أي قوة كانت لإشاعة الفوضى في المنطقة واستقواء بالخارج ضد الداخل الخليجي، وتجلى ذلك في الركض القطري المنفرد لإقامة علاقات مع إسرائيل وترتيب المؤامرات مع نظام معمر القذافي.

انتهت تلك الحقبة بتخلي الأب عن الإمارة وإسنادها لابنه، طبعا لا قيمة لكل ما جاء في خطاب التنازل من حديث عن إعطاء الفرصة للجيل الشاب في الحكم وغيرها من العبارات التي لا أصل لها بل تم ذلك التنازل كشرط خليجي واضح لمواجهة الدسائس التي تكشفت بين الأمير ووزير خارجيته من جهة وقوى أخرى في المنطقة مستهدفة السعودية والخليج.

الخطة الأبرز والخطوة الأهم إذن هي الخلاص القطري من تلك النخبة الحاكمة التي أدخلت البلاد منذ العام ٩٦ في مواجهة مع محيطها واستقدمت كل عوامل الكيد والتآمر على مستوى المنظمات والأفراد وجلبتها إلى قطر. وبالمال اشترت صمت المواطن القطري وبالمال فتحت أبواب الشر وتحالفت مع الشياطين. وبالتالي كان إحلال الابن مكان الأب التفافا على الغضب الخليجي واستبدالا للوجوه فيما ظلت السياسات كما هي.

انتظرت المملكة والإمارات والبحرين وغيرها كثيرا قبل أن تقدم على القرارات التي صدرت مطلع هذا الأسبوع وإن كان العام ٢٠١٤ شهد خطوات تمهيدية انتهت بتعهد النظام القطري بوقف مراهقته السياسية لكن شيئا من ذلك لم يحدث.

جاءت القرارات حقيقية وقوية وتمثل فصلا جديدا في التعامل مع النظام القطري غير الرشيد، وهي ليست كل شيء، وهذا الحصار لا ينعكس فقط في أبعاده الاقتصادية بل يمثل حصارا لإعلان أن السياسة القطرية الحالية ليست من المنطقة ولا تمثلها.

القوائم التي صدرت ليل البارحة والتي ضمت ٥٢ فردا و١٢ منظمة ليست أيضا سوى مرحلة لاستمرار هذا التوجه السياسي الجاد لإيقاف هذا العبث السياسي ولجعل النظام القطري في مواجهة أخطائه ونتائجها.

كل شيء الآن جاهز للقطريين للبدء في تحرك حقيقي لرفض الاختطاف السياسي لبلادهم واستعادتها من أيدي خاطفيها.

على النظام القطري اليوم أن يختار إما ٥٢ إرهابيا أو الشعب القطري.