-A +A
محمد الدليمي
خلال ساعات معدودات فقط، وجدت قطر نفسها تسقط في بئر سحيقة لا تقدر على الخروج منها أو البقاء فيها.

تصرفت مع جيرانها الأقربين والأبعدين وكأنها قوة عظمى لا تقهر ومدافعها الثقيلة التي ترمي حممها على كل كائن قد تعطلت، فلا الجزيرة هي نفس الجزيرة التي كانت تصدع رؤوس مشاهديها كل ليلة بسفسطات عزمي بشارة عن الديموقراطية وحركة الشعوب، ولا مفتيها العتيد القرضاوي قادر أن يجد لها فتوى للخروج من الحفرة التي اختارت طواعية أن ترتمي بها.


قطر دولة مرفهة وشعبها صغير وعوائدها المالية وفيرة فلماذا تشتري بأموالها كل هذا الكم من العدواة والأعداء؟ فهي التي تتواجد في صحراء النيجر، ولها صولجان في بوكو حرام، وتستضيف كل أصناف حركات الإرهاب وترعاها وتمولها، بل إنها هي من أسهمت في بروز حركة الحوثي في اليمن ومولت عناصرها ووفرت لهم منبرا إعلاميا، وهذا شيء معروف، وترسل وزير خارجيتها إلى بغداد ليلتقي قاسم سليماني قائد فيلق القدس المصنف إرهابيا، وتبذل له مئات الملايين من الدولارات، فلماذا كل هذا العبث؟

من لا يريد أن لا يصدق، فهذا شأنه، فالمشروع الذي اشتغل عليه كل من الشيخ حمد أو ما صار يلقب في الدوحة بالأمير الوالد والأمير الابن وجوقة المحرضين من الإخوان الشياطين وداعش ومشتقاتها وكل المتناغمين مع سياساتهم، هو السعي لإضعاف السعودية وإسقاط حكومتها، وقد كتبت قبل سنوات أن قطر تدعم القاعدة وداعش وعينها على المملكة، وتدعم الحوثي من أجل أن يحاصر السعودية من حدها الجنوبي، فيما يسعى الإخوان وعصابات داعش لخلخلة الأمن الداخلي لتسهيل الانقضاض عليها، ومن ثم الإمارات العربية التي انتبهت قيادتها مبكرا لمخططات ذراع قطر الإخوان وسعيهم الدؤوب لبث الفتن والإشاعات وتحضير تنظيماتهم الخبيثة، لإضعاف الجبهة الداخلية في تناغم سياسي وإعلامي مع ما تبثه قناة الجزيرة من سموم نحو الإمارات العربية، إلا أن قيادتي البلدين المحنكتين والمجربتين والمتسلحتين بالإرادة القوية والعزيمة التي لا تلين، أفشلتا مخطط الأشرار وردتا كيدهم إلى نحورهم، ولأول مرة يتلمس المراقب والمتابع أن نواة صلبة لحماية الأمن القومي العربي تشكلت بسرعة من المملكة العربية والسعودية ودولة الإمارات العربية لتغير معادلات المنطقة وترسم مسارات الأحداث بما لا تشتهي سفن قطر وإيران والإخوان.

حبا الله مملكة الحزم بالملك سلمان الذي التقت إرادته ورؤيته مع الفارس العربي سليل الأصالة والشهامة والنخوة الشيخ محمد بن زايد ليفاجئا أوكار الشر بما لا يتوقعونه في التصدي لهم في أول ساحة هي اليمن التي أرادوا لها أن تكون بوابة الشر على المملكة والإمارات وكل الخليج، فالسعودية تمثل رمزية إيمانية لأكثر من مليار مسلم وهي أرض الحرمين ومهد النبوة ويقف معها كل العرب والمسلمين.

المشكلة في قطر كما يقول صحفي غربي أنت لا تعرف بسهولة من يدير شؤونها هل هو الأمير الابن تميم أم الأمير الوالد المرشد الأعلى أم جوقة الهاربين إليها من شتات الأرض، يتزعمهم شيخ الفتنة القرضاوي أو القرداغي، أم أنها تدار من غرفة العلماني المتصهين عزمي بشارة، أو من حركات الإرهاب التي وجدت في قطر كيسا لا ينضب من المال السائل وبوقا إعلاميا لا يتوقف عن الصياح.

قطر الآن حانت لحظة الحقيقة، فلا مفر لكم سوى طريق واحد، هو تغيير جذري للسياسات التي استمرت سنوات لا تعديلها كما يصرح بعض معلقي قناة الجزيرة، فإيران التي تريد إمدادكم بالخضار والغذاء والخبز ستتقاضى منكم أضعاف السعر السابق، وهي فرصة نادرة للابتزاز الإيراني لكم، فالعالم تغير كله نحوكم أمام عزم السعودية والإمارات، فلا وقت تبقى لديكم للمناورة وكسب الوقت، وستجدون أنفسكم وسط عزلة تخنقكم وتذهب ريحكم فتفشلوا، ولن يفيدكم جوقة الإخوان ومنظرهم الذي تفتقت عبقريته ليقترح تشكيل هيئة فض المنازعات لتنظر في النزاع، وكأن الأمر هو نزاع تجاري أو خلاف بين المؤجر والمستأجر، والرجل يبدو أنه أصبح لا يعي حجم الكارثة التي خلفتها دولته الأثيرة إلى نفسه قطر والتي أطلقته من جزيرتها كأحد نجوم السيرك القطري المسلي.