-A +A
صالح الفهيد
salehalfahid@

أسعدني جدا أن يجد مقال السبت الفائت عن «المؤلفة جيوبهم» كل هذه الأصداء، ليس فقط من الوسط الرياضي بل وحتى من خارجه، وأسعدني أكثر أن يستكمل عدد من الزملاء الكتاب ما بدأته، مضيئين بشكل أوسع على جوانب أخرى من الاختراق القطري للساحة السعودية بكل مكوناتها الإعلامية والثقافية والفنية والدينية.. إلخ.


وحتى تكون الصورة واضحة للقارئ المتشكك من حقيقة هذا الاختراق، يجب أن نتذكر أولا أحد التسجيلات التي سربها العقيد القذافي قبل مقتله «نكاية بحلفائه القطريين الذين غدروا به في آخر أيامه»، وفيه يدور حديث بين القذافي ورئيس وزراء قطر وزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر الذي يشرح للقذافي كيف أن قطر ضمن مشروعها التآمري على السعودية تعمل على كسب ولاء بعض شرائح معينة من المجتمع السعودي عبر تلبية حاجاتهم المادية في العلاج والسفر وخلافه، دون أن تطلب منهم القيام بأي عمل مقابل هذه الهبات المادية!

هذا التكتيك اتضح لاحقا أنه استخدم على نطاق واسع، وبأساليب متعددة ومتنوعة، وكان من بين المستهدفين قائمة من الرياضيين والإعلاميين.

سألني أحدهم، وما الدليل على أن القطريين «اشتروا» أو كسبوا ولاء بعض الشخصيات الرياضية والإعلامية كما تزعم؟ قلت: الأدلة كثيرة وواضحة لكل من يفهم قواعد اللعبة في هذا النوع من كسب ولاء الإعلاميين، لكني سأكتفي بدليل مادي واحد كاف للتدليل على أن هؤلاء أصبحوا في الجيب القطري، ألا وهو حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، فعندما اندلعت الأزمة الراهنة مع قطر بعضهم لاذوا بالصمت «صمت القبور» ووقفوا على الحياد بين البلدين، وكأنما هم غير سعوديين، وبعض منهم راح يناور ويحاور متذاكيا في تمييع موقفه، رافعا شعار الإخوة ووحدة المصير، ولم يكتفوا بذلك بل إنهم اعتبروا من يدافعون عن وطنهم مسؤولين عن تأجيج المشكلة وإثارة الفرقة والفتنة بين البلدين.. تصوروا.

وبالطبع هذا أقصى ما كانت تطمح إليه قطر، وهو أن يقف هذا الإعلامي على الحياد بينها وبين بلده في وقت الأزمات البينية، وفي الأوقات العادية تريده أن يكون بوقا لها يطبل لها ويلمع شخصياتها ويتغنى بإنجازاتها ويروج لوجهات نظرها، وهي بحاجة ماسة لذلك خصوصا وهي على أبواب تنظيم كأس العالم عام 2022، وهذه مناسبة كبيرة يسيل لها لعاب ليس فقط الإعلاميين بل وحتى بعض الشخصيات الرياضية، فكثير منهم يمنون أنفسهم بدعوة لحضور المونديال، وبعضهم موعودون بالمشاركة في مناصب وأدوار وعضوية لجان في هذا الحدث العالمي.

لقد كان واضحا ومنذ وقت مبكر لكل ذي بصيرة المخطط القطري لاختراق المجتمع السعودي، وتعامل بعض السعوديين بحسن نية مع النشاط القطري المحموم في هذا المجال كان نوعا من السذاجة والغباء، وهو الذي ساعد القطريين على التوسع في هذا النشاط دون محاذير، وفي نفس الوقت أتاح لبعض الإعلاميين وغيرهم التمادي في التعبير عن ولائهم لقطر دون مواربة.

وكنت أتابع بمرارة وألم كيف أن بعض الإعلاميين الرياضيين يتفاخر ويتباهى أمام الجميع في أنه ينطق اسم فريق «لخويا» بإتقان ودون خطأ، ليبرهن على جدارته في كسب ثقة القطريين، وهو الذي لا ينطق أسماء نصف الفرق السعودية بشكل صحيح.

لقد كتبت عن هذا الاختراق منذ سنوات و«علقت الجرس» ولم يصغ أحد، واليوم وقد أصبحت العملية مكشوفة، أطالب وزير الإعلام فتح ملف الاختراق القطري للإعلام السعودي، بما في ذلك الإعلام الرياضي، والتحقيق فيه، واستدعاء كل المشتبه فيهم، واعتبار هذا الموضوع قضية أمن وطن، وتحذير كل من وقع في الفخ القطري دون أن يعلم، ومعاقبة من يثبت أنه تورط بالدفاع عن قطر على حساب وطنه.