-A +A
مي خالد
Mayk_O_O@

الاغتراب مفهوم فلسفي اقتصادي طرحه هيغل أحد مؤسسي الفلسفة المثالية الألمانية ليفسر به التاريخ. وتناوله تلميذه فويرباخ وهو فيلسوف مادي ملحد ألماني ليفسر به ظاهرة الاغتراب عن الذات الجمعية للإنسانية. وتحديدا اغترابها عن نفسها عن طريق الدين.


والاغتراب مصطلح استعمله ماركس وغير ماركس لتفسير حركة السوق والرأسمالية.

كأن يصف المُنتَج حين يغترب عن العامل الذي انتجه ويتحول إلى سلعة ثم عن طريق السلعة يتحول إلى رأسمال. وهذا الرأسمال هو الوحش الذي يفترس العامل الذي انتجه. بل تتحول الرأسمالية إلى الأساس الذي يصنع السوق ويوفر فرص العمل والوظائف والتنمية ويضغط على العامل ومن ثم يسحقه.

لذا لا يمكن أن نعتبر العمل في عصرنا سببا لسعادة الإنسان ومصدرا لإنسانيته ويصبح جوهرا لآدميته وكلما زادت فاعلية الإنتاجية الخلاقة زادت سعادته. بل أصبح العمل الرسمي سببا للشقاء ومصدرا للتعب والهلاك والكدح اليومي الشاق ولا يشعر العامل بنفسه التي اغترب عنها إلا بعد انتهاء الدوام أو في الإجازة الأسبوعية فساعات الدوام الطويل هي حبل مشنقة حول عنق الموظف والعامل الذي صار يجد سعادته في حيوانيته وليس في إنسانيته. يجد سعادته في الاستهلاكية. يستهلك الأكل والشرب والتناسل ويستعمل العائد المادي من عمله في شراء الكماليات لاستحلاب السعادة الوهمية.

وللأسف أغلب المبادرات التطوعية الرمضانية مغتربة أيضًا مع بعض البدائل الطفيفة على النحو التالي:

حين يغترب المنتج عن المتطوع الذي انتجه ويتحول إلى ميديا وفيديو ثم عن طريق الميديا يتحول إلى دعاية، عبر استغلال عمّال النظافة أو تصوير السُفر الرمضانية أو توزيع بعض الأطعمة عند الإشارات المرورية بحلول وقت الإفطار. الدعاية هي الوحش الذي يفترس المتطوع والعمل الذي يفترض أن يكون في سبيل الله وليس لوجه الكاميرا.

بالتأكيد هناك بعض الأفراد المتطوعين من السعوديين والسعوديات ممن لم ينساقوا للميديا أو يرشحوا أنفسهم للجوائز المادية أو للظهور في برامج مسابقات تلفزيونية، ولم يقوموا بمشاريع تطوعية ليضعوها في سيرهم الذاتية فقط.

هناك أمثلة رائعة لمتطوعات سعوديات ومتطوعين يعملون في مجال الترجمة للاجئين في دول أوروبا أو في تعليم الأطفال رافضين الظهور في البرامج التلفزيونية وتسليع نشاطهم، وهؤلاء هم الذين نعلق عليهم الأمل حين يعودون ليضعوا قواعد مؤسسية للعمل التطوعي في السعودية فينهي بهم العمل التطوعي رحلة اغترابه.

May_khaled@hotmail.com