-A +A
عبدالعزيز معتوق حسنين
وجاء شهر الصيام فلا يوجد كلام أغلى من هذا الميثاق الذي به تستمر البشرية وفق قوله عز وجل: «وأخذن منكم ميثاقا غليظا». ولكن للأسف الشديد عدد قضايا الطلاق للعام الماضي 2016، بلغ 35.268 في حين تم توثيق 133.687 ميثاقا في العام نفسه، فتصبح نسبة الطلاق لعام 2016م 26.3%. وبما أن العصمة في يد الزوج وأصبح هو المسيطر في القرار الأخير على الطلاق والزوج هو عنوان المقال، من أهم أسباب الطلاق هي الفجوة العميقة بين الزوجين والتي تتمثل في تنافر الطباع وعدم الالتقاء الفكري واختلاف الاهتمامات مع تسفيه اهتمامات الطرف الآخر.

في شريعتنا الذي يتقدم ويبادر ويتخذ القرار في اختيار الزوجة هو الزوج، لذلك قال الله في تعظيم حقهن: «وأخذن منكم ميثاقا غليظا»، في هذا الميثاق آخر من يضع توقيعه عليه هي الزوجة بعد توقيع الزوج ثم توقيع ولي أمر الزوجة ومن ثم الشهود وآخر التوقيع هو توقيع الزوجة؛ يذهب إليها المأذون ويسألها جهرا إن رغبت في الزواج من هذا المذكور وإن كان لديها شروط تريد تدوينها في الميثاق ومن ثم تضع توقيعها.


الرسول صلى الله عليه وسلم وصى في حجة الوداع بالنساء وثبت وصية بالغة، وحض حضا شديدا على حسن معاشرتهن ومعاملتهن، فقال عليه الصلاة والسلام: «فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله» (رواه مسلم)، وقال صلوات الله وسلامه عليه: «استوصوا بالنساء خيرا». وقوله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخيارهم خيارهم لنسائهم». فبهذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخر من يختار هو الزوج وبهذا الاختيار يتحمل كل ما يترتب عليه اختياره وليس العكس كما هو مفهموم خاطئ في مجتمعنا ولاسيما عند شبابنا. وهنا أشيد أن من أهم أسباب تزايد نسبة الطلاق وتتزايد كل عام هي عدم التأني من قبل الزوج وسرعة اتخاذ القرار في خياره والضحية هي الزوجة لا الزوج بناء على عاداتنا وتقاليدنا القديمة التي مر عليها قرون دون تغيير ولا مراعاة للتغير الفكري والذهني والبيئي والعلمي والتقني.

من يتتبع حالة مجتمعاتنا هذه الأيام ليدرك أن القليل من الأزواج من يحسن معاملة زوجته ويحسن مداراتها ومعاملتها كما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام، فلا يتواضعون في خدمتهن ولا يصفحون ولا يعفون عن سيئاتهن بل يقابلون الإساءة بالإساءة، وهذا كله يؤدي إلى أن يمتلئ قلبا كل من الزوجين بالحقد والضغينة والكراهية، ويكون هذا من أسباب انهيار حسن العلاقة والمعاشرة بين الزوجين، وبالتالي إلى خراب وتدمير بيت الزوجية، وهلا تواضع الزوج في بيته في معاشرة زوجته اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فبذلك تستقر الحياة الزوجية وتسلم بيوتنا من كثير من الآفات، ونحفظها من الويلات والخراب والانهيار، ونحفظ أولادنا من الضياع والشتات والتشرد. وما هو خطير على مجتمعنا تقرير الهيئة العامة للإحصاء أن متوسط مدة الزواج اليوم أصبح لا يدوم ثمانية أشهر من تاريخ عقد النكاح. وبالمناسبة قول: «إن أبغض الحلال عند الله الطلاق» قد اختلف عليه الفقهاء في صحته بأنه حديث. وأختم بقول الشاعر: إن التواضع من صفات المتقي.. وبه التقي للمعالي يرتقي. رمضان مبارك وكل عام والقراء الكرام بخير وسلام.