-A +A
علي محمد الرابغي
لا أود أن أكون مكرورا وأعيد وأزيد فيما قد سبقني إليه الكثيرون.. خاصة تحت وهج الإعلام العالمي وقدرات التقنية العالية التي حرصت على أن تكون خلف هذا الرجل غير العادي (ترمب) ولتحصي عليه حركاته وسكناته.. بل وذهب البعض إلى الترصد وتقصي كل سلوكياته وهم مشفقين من تصرفاته (رعونته) وخاصة الحساسية المفرطة التي كانت تعتري علاقاته مع الصحافيين والإعلاميين.. ولكن ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كذب كل التوقعات وكسب الرهان على أنه الرجل المناسب في المكان المناسب.. وكانت الزيارة الكبيرة في أبعادها وفي مضامينها وما اشتملت عليه من ملامح وعلامات بارزة.. جعلت ترمب يكسب من الجولة الأولى.. هيأ لذلك مكانة الرياض كعاصمة للدولة التي تشرف بخدمة الحرمين الشريفين.. وبأنها أمينة على مقدساته وصيانتها ورعايتها وبذل الجهد والغالي والثمين من أجل صيانتها ولتنهض بتوفير أقصى درجات اليسر والسهولة لخدمة الحاج والمعتمر والزائر.

لم تبالِ هذه الدولة -حماها الله- ولا مواطنيها من الإنفاق وبيسر كبير على المسجدين الشريفين وعلى المشاعر المقدسة.. تشهد معالمها الناطقة التي يقف أمامها الجميع إعجابا وتقديرا وتثمينا لهذه الجهود المباركة.


الرياض والقمم:

شهدت الرياض والسعوديون أكبر حدث عالمي.. حدثا غير مسبوق إذ احتضنت العاصمة السعودية مشاركة 55 دولة بين خليجية وعربية وإسلامية.. وبرهنت الإدارة السعودية على قدرة فائقة في استضافة هذا العدد وتوفير الأماكن التي تليق بمستوى الرؤساء الكبار وأعضاء الوفود المرافقين لهم وبالإعلاميين الذين تهافتوا على السعودية بغزارة كبيرة.. كل هذا -في يقيني- يأتي انطلاقا من البعد الجديد الذي وفره اختيار الرئيس الأمريكي للسعودية كأول زيارة خارجية له في العالم.. واختيار الدول الإسلامية والعربية والخليجية التي جاءت ملبية للدعوة السعودية للمشاركة في القمم الثلاث.. ومع أن الوقت كان محدودا إلا أنه بورك فيه.. ونجحت الرياض في استثمار هذا الوقت والاستفادة منه ومن هذا الحضور الكبير في تحقيق الأهداف المرجوة.. وهو كسب في الحقيقة كبير جاء تقديره وتثمينه من وسائط الإعلام في الخارج وإقليميا وعربيا ومن الداخل.

الملك سلمان رجل العزم:

هذه أحسب أنها خطوة تاريخية مباركة نجح الملك سلمان بن عبدالعزيز في رسم أبعادها من أجل أن تحقق كل الكسب المادي والمعنوي للرياض وللخليج وللعالم العربي وللعالم الإسلامي.. وأن يفتح للتاريخ صفحة جديدة بيضاء نقية في العلاقة بين أمريكا وهذه الدول.. وأن تبنى جسور من المحبة والتفاهم والانسجام بين العالمين العربي والإسلامي وأمريكا.. وفق مصلحة عامة استهدفت اجتثاث ذيول الإرهاب من جذوره.. وقمع شياطين الإنس المتمردين على قوانين الشرع.. المتنكرين بدواعي الإنسانية الذين يحرصون على أن تشيع الفاحشة في الأرض.. ولعل ما نشهده وبكل أسى وحزن في اليمن وفي العراق وفي الشام وفلسطين والصومال وفي أفريقيا من شلالات الدم وعمليات القتل الوحشي واستباحة الأعراض.. الأمر الذي كسب كراهية الإنسان والعالم.. وسئم المخلصون من البشرية تلك الممارسات العفنة التي طغى عليها العنف واستحلاب الإرهاب.. الأمر الذي أصبحنا معه ننام على القتل والتفجير ونصحو على الجثث والتدمير.. وعمد النظام الإيراني ونظام الأسد على قتل المعتقلين في سجونهم وحرقهم أحياء.. أي كراهية هذه وأي خسة ووحشية والعالم في غفلة عن هذا.

الرياض في قلب العالم وملء سمعه وبصره:

من هنا جاءت نتائج هذه القمم الثلاث مبشرة وواعدة بحدوث انقلاب سلمي ونوعي من شأنه أن يعيد ترتيب الأولويات ويضع حدا لكل أؤلئك المستهترين بحقوق الإنسان والذين تركوا شعوبهم جياعا بل ويموتون جوعا.. وذهبوا يقاتلون السنة في اليمن والعراق وفي الشام وفي الصومال وفي الأهواز.. كل ذلك لتحقيق أطماع واهية لا أساس لها إلا في عقول من يعيشون تحت وهج السحر والشعوذة والخرافات وممارسة الغيبية وسط العالم الذي يعيش حالة من التقدم والتقنية وسيادة المنطق.

بارك الله في سلمان بن عبدالعزيز الذي أخرج الإسلام كالشعرة من العجينة مؤكدا نقاوته وسلامته من كل هذه الممارسات الوحشية.. فالإسلام دين المحبة والعدل والسلام واحترام الإنسان.. وحسبي الله ونعم الوكيل.

abido13@yahoo.com